للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ إنْ تَرَاضَيَا وَإِلَّا فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ وَقِيلَ إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ، ثُمَّ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ فَإِنْ كَانَ وَقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ مَاتَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَهِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَبِالتَّحَالُفِ أَوْلَى (بَلْ إنْ تَرَاضَيَا) عَلَى مَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا أُقِرَّ الْعَقْدُ.

قَالَ الْقَاضِي: وَلَا رُجُوعَ لِمَنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ وَإِنْ سَمَحَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِمَا ادَّعَاهُ أُجْبِرَ الْآخَرُ وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ أَعْرَضَ عَنْهُمَا كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي، وَيُفْهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَإِنْ فَهِمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْهُ خِلَافَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَمَرَّ نِزَاعُهُمَا (فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ (أَوْ الْحَاكِمُ) لِقَطْعِ النِّزَاعِ وَحَقُّ الْفَسْخِ بَعْدَ التَّحَالُفِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ فَلَوْ لَمْ يَفْسَخَا فِي الْحَالِ كَانَ لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْمَطْلَبِ لِبَقَاءِ الضَّرَرِ الْمُحْوِجِ لِلْفَسْخِ (وَقِيلَ إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَلَا يَفْسَخُ أَحَدُهُمَا وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّحَالُفُ عِنْدَ حَاكِمٍ، فَلَوْ تَحَالَفَا بِأَنْفُسِهِمَا لَمْ يَكُنْ لِأَيْمَانِهِمَا تَأْثِيرٌ فِي فَسْخٍ وَلَا لُزُومٍ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِذَا فَسَخَا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَالْإِقَالَةِ، وَكَذَا إنْ فَسَخَ الْقَاضِي أَوْ الصَّادِقُ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِمَا إلَى حَقِّهِمَا كَمَا فِي الْفَسْخِ بِالْإِفْلَاسِ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِيمَا عَادَ إلَيْهِ، وَإِنْ فَسَخَ الْكَاذِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ بَاطِنًا لِتَرَتُّبِهِ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ، وَطَرِيقُ الصَّادِقِ إنْشَاءُ الْفَسْخِ إنْ أَرَادَ الْمِلْكَ فِيمَا عَادَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَإِنْ أَنْشَأَ الْفَسْخَ أَيْضًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِ مَنْ ظَلَمَهُ فَيَتَمَلَّكُهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَإِلَّا فَيَبِيعُهُ وَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلِلْمُشْتَرِي وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ حَالَ النِّزَاعِ وَقَبْلَ التَّحَالُفِ عَلَى الْأَصَحِّ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ، وَفِي جَوَازِهِ فِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا جَوَازُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ.

(ثُمَّ) بَعْدَ الْفَسْخِ (عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِثَالِثٍ بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ، وَكَذَا عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الرَّادِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِرَدِّ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ ضَامِنًا لِلْعَيْنِ كَانَتْ مُؤْنَةُ رَدِّهَا عَلَيْهِ (فَإِنْ) تَلِفَ شَرْعًا (كَأَنْ وَقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ) تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَأَنْ (كَاتَبَهُ أَوْ) تَلِفَ حِسًّا كَأَنْ (مَاتَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ثَمَنِهِ وَمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ خِلَافًا لِمَا تُفْهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ وُجُوبِ الْقِيمَةِ وَإِنْ صَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي (وَهِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ) إذْ مَوْرِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>