وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ بِحَسَبِ الْإِذْنِ، فَإِنْ أَذِنَ فِي نَوْعٍ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ.
وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحٌ وَلَا يُؤْجِرُ نَفْسَهُ، وَلَا يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ فِي تِجَارَةٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
النِّهَايَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَيْ: لِأَنَّ عِلْمَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْعَبْدَ مَأْذُونٌ لَهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ فِي بَيْعِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مَعَهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ السَّيِّدِ الرَّقِيقَ الْمَأْذُونَ حَجْرٌ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَسُكُوتُ السَّيِّدِ لَا يَكْفِي كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا.
(وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (فِي التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ السَّيِّدِ وَقَدْ زَالَ، قَالَ: وَشَرَطَ فِي التَّنْبِيهِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ بَالِغًا رَشِيدًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْأَذْرَعِيِّ لَمْ أَجِدْهُ فِي الْحَاوِي فِي مَظَانِّهِ، وَقَوْلُهُ: وَالْعَقْلُ يَبْعُدُ أَنْ لَا يَصِحَّ إذْنُهُ لِعَبْدِهِ الْفَاسِقِ، وَالْمُبَذِّرُ مَمْنُوعٌ إذْ لَا يَزِيدُ بِالْإِذْنِ عَلَى تَصَرُّفِ الْحُرِّ (بِحَسَبِ الْإِذْنِ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْإِذْنِ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الرَّقِيقِ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي نَوْعٍ) كَالثِّيَابِ أَوْ فِي وَقْتٍ كَشَهْرِ كَذَا أَوْ فِي بَلَدٍ (لَمْ يَتَجَاوَزْهُ) كَالْوَكِيلِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفُهِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِنْ الشَّرْطِيَّةِ أَنَّ تَعْيِينَ النَّوْعِ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ وَأَنْ لَا يُوجَدَ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ إذَا قَالَ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ اهـ.
وَيَسْتَفِيدُ بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ كُلُّ مَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ اسْمِهَا وَمَا كَانَ مِنْ لَوَازِمِهَا وَتَوَابِعِهَا كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ وَحَمْلِ الْمَتَاعِ إلَى الْحَانُوتِ وَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَمُخَاصَمَةٍ فِي عُهْدَةٍ، وَالْمُرَادُ الْمُخَاصَمَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ الْمُعَامَلَةِ. أَمَّا مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ، وَهَذَا مِثْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى شَيْءٍ تَصَرَّفَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فِي كُلِّ الْأَنْوَاعِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبُلْدَانِ، وَلَوْ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ لَهُ: اتَّجِرْ فِيهِ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِ الْأَلْفِ وَبِقَدْرِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَزِيدُ. فَإِنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَ الْأَلْفُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ لَمْ يَنْفَسِخْ عَقْدُهُ بَلْ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُوفِهِ السَّيِّدُ، وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: اجْعَلْهُ رَأْسَ مَالِكَ وَتَصَرَّفْ وَاتَّجَرَ، فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ، وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِ إعْطَاءِ مَالٍ فَيَشْتَرِيَ بِالْإِذْنِ فِي الذِّمَّةِ وَيَبِيعَ كَالْوَكِيلِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْإِذْنُ فِي الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ إلَى تَقْيِيدٍ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ (نِكَاحٌ) لِنَفْسِهِ وَلَا لِرَقِيقِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ اسْمَهَا لَا يَتَنَاوَلُهُ (وَلَا يُؤْجِرُ نَفْسَهُ) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي رَقَبَتِهِ، فَكَذَا فِي مَنْفَعَتِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ جَازَ وَلَهُ أَنْ يُؤْجِرَ مَالَ التِّجَارَةِ ثِيَابَهَا وَرَقِيقَهَا وَدَوَابَّهَا (وَلَا يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ) أَيْ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ (فِي تِجَارَةٍ) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute