وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ.
وَإِذَا فُسِخَ السَّلَمُ وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ، وَقِيلَ: لَلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ إنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْعَقْدِ، وَرُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ.
الثَّانِي كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا فَلَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ
ــ
[مغني المحتاج]
أُجْرَةً وَصَدَاقًا (وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ اكْتَفَى بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا، وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ رَأْسُ الْمَالِ عَقَارًا غَائِبًا وَمَضَى فِي الْمَجْلِسِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ وَالتَّخْلِيَةُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُتَعَلِّقَةً بِبَدَنِهِ كَتَعْلِيمِ سُورَةٍ وَخِدْمَةِ شَهْرٍ صَحَّ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَبَحَثَهُ، لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ. ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَا اسْتَثْنَاهُ مَرْدُودٌ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ.
(وَإِذَا فُسِخَ السَّلَمُ) بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ كَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِهِ (وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ) لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ ثَالِثٍ (اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ) وَلَيْسَ لَلْمُسْلَمِ إلَيْهِ إبْدَالُهُ، سَوَاءٌ وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الذِّمَّةِ ثُمَّ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ (وَقِيلَ: لَلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ إنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْعَقْدِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْ عَيْنَهُ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ بِمَثَابَةِ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ. أَمَّا إذَا كَانَ تَالِفًا فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَلَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ حُمِلَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ بَيَّنَ النَّقْدَ الْمُرَادَ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ أَوْ أَسْلَمَ عَرْضًا فِي الذِّمَّةِ وَجَبَ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (وَرُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ) الْمِثْلِيِّ (تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ) كَالثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنْ اتَّفَقَ فُسِخَ وَتَنَازَعَا فِي الْقَدْرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَالثَّانِي: لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ بِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ أَوْ الْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَالذَّرْعُ فِي الْمَذْرُوعِ مَرْجُوحٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ وَيَنْفَسِخُ السَّلَمُ فَلَا يَدْرِي بِمَ يَرْجِعُ، وَاعْتُرِضَ بِإِتْيَانِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ. أَمَّا رَأْسُ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ فَتَكْفِي رُؤْيَتُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ وَالْقِيمَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ السَّلَمِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ.
(الثَّانِي) مِنْ الْأُمُورِ الْمَشْرُوطَةِ (كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مَوْضُوعٌ لَهُ. فَإِنْ قِيلَ الدَّيْنِيَّةِ دَاخِلَةٌ فِي حَقِيقَةِ السَّلَمِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ جَعْلُهَا شَرْطًا؟ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ خَارِجٌ عَنْ الْمَشْرُوطِ. .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُرِيدُونَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، فَيَتَنَاوَلُ حِينَئِذٍ جُزْءَ الشَّيْءِ (فَلَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute