وَلَوْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ عَظِيمَةٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ.
وَمَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا، وَذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ
ــ
[مغني المحتاج]
فَرْعٌ لَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي صَاعِ بُرٍّ مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ الْبُرِّ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ قَدْ يَتْلَفُ كَمَا فِي مَسْأَلَةَ الْكُوزِ، وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْتُ إلَيْكَ فِي ثَوْبٍ مِثْلِ ثَوْبٍ قَدْ وُصِفَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْسَيَا وَصْفَهُ صَحَّ، وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْمُعَيَّنِ لَمْ تَعْتَمِدْ الصِّفَةَ (وَلَوْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ ضَيْعَةٍ: أَيْ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ (لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَذَلِكَ غَرَرٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّلَمِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ أَوْ ثَمَرِ نَاحِيَةٍ (أَوْ) قَرْيَةٍ (عَظِيمَةٍ) أَيْ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ (صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ غَالِبًا، وَهَلْ يَتَعَيَّنُ أَوْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ.
تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَابِطِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ عَنْ الشَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَبِيرَةَ مَا يُؤْمَنُ فِيهَا الِانْقِطَاعُ وَالصَّغِيرَةُ بِخِلَافِهِ، فَالْعِبْرَةُ بِكَثْرَةِ الثِّمَارِ وَقِلَّتِهَا، وَالثَّمَرَةُ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا مِثْلُهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْطِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، لِأَنَّهُ يُوجِبُ عُسْرًا إلَّا فِي شَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ فِي شَيْءٍ.
(وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا) وَيَنْضَبِطُ بِهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَلَيْسَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا لِتَقْرِيبِهِ مِنْ الْمُعَايَنَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِسَبَبِهَا، وَهَذَا الشَّرْطُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ شَرْطَ كَوْنِهِ مَوْصُوفًا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَاتِ، ثُمَّ الْعِلْمَ بِهَا فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحْتَمِلُ جَهْلَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ عَيْنٌ؛ فَلَأَنْ لَا يَحْتَمِلَ وَهُوَ دَيْنٌ أَوْلَى، وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ مَا يُتَسَامَحُ بِإِهْمَالِ ذِكْرِهِ كَالْكُحْلِ وَالسِّمَنِ فِي الرَّقِيقِ كَمَا سَيَأْتِي. وَبِالثَّانِي مَا لَا يَنْضَبِطُ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا، وَبِالثَّالِثِ كَوْنُ الرَّقِيقِ قَوِيًّا عَلَى الْعَمَلِ أَوْ ضَعِيفًا أَوْ كَاتِبًا أَوْ أُمِّيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ وَصْفٌ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَ) يُشْتَرَطُ (ذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ) مُقْتَرِنَةً بِهِ لِيَتَمَيَّزَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُهَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ. نَعَمْ إنْ تَوَافَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ، وَقَالَا: أَرَدْنَا فِي حَالَةِ الْعَقْدِ مَا كُنَّا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ نَظِيرُ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute