للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْمُقْرِضِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ، وَيَجُوزُ إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ

إلَّا الْجَارِيَةَ الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ فِي الْأَظْهَرِ،

ــ

[مغني المحتاج]

مَفْقُودٌ هُنَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي فَقَالَ: (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْمُقْرِضِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) فِيمَا يُقْرِضُهُ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ فِيهِ شَائِبَةُ تَبَرُّعٍ، وَلَوْ كَانَ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً لَجَازَ لِلْوَلِيِّ غَيْرِ الْقَاضِي قَرْضُ مَالِ مُوَلِّيهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ. وَأَمَّا الْقَاضِي فَيَجُوزُ لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَإِنْ صَحَّحَ السُّبْكِيُّ مَنْعَهُ بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُقْتَرِضِ وَأَمَانَتِهِ، وَيَأْخُذُ رَهْنًا إنْ رَأَى ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ إذَا رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِتَأْخِيرِ الْقِسْمَةِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ الْمَالُ كُلُّهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ.

تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ لِشَرْطِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَعْمَى يَصِحُّ قَرْضُهُ وَاقْتِرَاضُهُ إلَّا أَنَّ قَبْضَهُ لَا يَكْفِي، وَأَوْرَدَهُ عَلَى الْمُصَنَّفِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، فَإِنَّ تَدْبِيرَهُ تَبَرُّعٌ وَكَذَا وَصِيَّتُهُ وَتَبَرُّعُهُ بِمَنْفَعَةِ بَدَنِهِ الْخَفِيفَةِ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَاضُهُ، فَلَوْ قَالَ التَّبَرُّعُ النَّاجِزُ بِالْمَالِ أَوْ مَا قَدَّرْتُهُ لَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ أَفَادَتْ الْعُمُومَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَهْلِيَّةُ جَمِيعِ التَّبَرُّعَاتِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ، فَقَالَ: (وَيَجُوزُ إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بَكْرًا، وَقِيسَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُعْرَفَ قَدْرُ الْغِشِّ أَوْ لَا، وَإِنْ قَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا إذَا عُرِفَ، وَمَنَعَهُ الرُّويَانِيُّ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ مَا يَسْلَمُ فِي نَوْعِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعَيَّنُ لَا يُسْلَمُ فِيهِ، وَالْمُقْرَضُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى إذَا قَالَ: أَقْرَضْتُكَ أَلْفًا وَقَبِلَ الْمُقْتَرِضُ ثُمَّ تَفَرَّقَا ثُمَّ سَلَّمَ إلَيْهِ أَلْفًا صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ دَفَعَ الْأَلْفَ عَنْ الْقَرْضِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَعَلَّلَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْمُهَذَّبِ، فَقَالَ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُك هَذِهِ الْأَلْفَ مَثَلًا وَتَفَرَّقَا ثُمَّ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ.

، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ (إلَّا الْجَارِيَةَ الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ) فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَهُ وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَؤُهَا وَيَرُدُّهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ يُثْبِتُ الرَّدَّ وَالِاسْتِرْدَادَ فَيَصِيرُ فِي مَعْنَى إعَارَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ جَارِيَةً يَحِلُّ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَطْؤُهَا وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ جَارِيَةً أَيْضًا؛ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>