وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ، فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ فِي الْأَصَحِّ.
فَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ اقْتَصَّ الرَّاهِنُ وَفَاتَ الرَّهْنُ، فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ أَوْ بِجِنَايَةِ خَطَإٍ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ
ــ
[مغني المحتاج]
تَكُونَ رَهْنًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ وَقْفًا، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ دَيْنًا قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ عِنْدَ شَرْطِ الْمَرْهُونِ كَوْنَهُ عَيْنًا (وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ) الْمَالِكُ (الرَّاهِنُ) أَوْ الْمُعِيرُ لِلْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ (فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَلَهُ إذَا خَاصَمَ الْمَالِكَ حُضُورُ خُصُومَتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْبَدَلِ، وَالثَّانِي: يُخَاصِمُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ غَصَبَ الْمَرْهُونَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ. أَمَّا لَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصَمَةُ جَزْمًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ شُهْبَةَ.
(فَلَوْ) جَنَى رَقِيقٌ عَلَى الرَّقِيقِ الْمَرْهُونِ، وَ (وَجَبَ قِصَاصٌ اقْتَصَّ الرَّاهِنُ) مِنْهُ أَوْ عَفَا مَجَّانًا (وَفَاتَ الرَّهْنُ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ بِلَا بَدَلٍ. هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي النَّفْسِ، فَإِذَا كَانَتْ فِي طَرَفٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالرَّهْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَلَوْ أَعْرَضَ الرَّاهِنُ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ فَتَأْخِيرُهُ أَوْلَى (فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ) عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ (أَوْ بِجِنَايَةِ خَطَإٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ عَمْدٍ يُوجِبُ مَالًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا صَارَ الْمَالُ مَرْهُونًا وَلَوْ لَمْ يُقْبَضْ كَمَا مَرَّ (لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ) أَيْ الرَّاهِنِ عَنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: ثَمَّ مَحَلُّ كَوْنِ مَا ذُكِرَ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الرَّاهِنِ وَإِلَّا فَلَا يَصِيرُ مَرْهُونًا إلَّا بِالْغُرْمِ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ مَمْنُوعٌ إذْ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْجِنَايَةِ إذَا نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِهَا وَلَمْ يَزِدْ الْأَرْشُ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا كَأَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ أَوْ نَقَصَتْ بِهَا، وَكَانَ الْأَرْشُ زَائِدًا عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا فَازَ الْمَالِكُ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ فِي الْأُولَى، وَبِالزَّائِدِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ مَمْنُوعٌ أَيْضًا لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ فَهُوَ كَمَا لَوْ زَادَ سِعْرُ الْمَرْهُونِ بَعْدَ رَهْنِهِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وَجَبَ الْمَالُ ابْتِدَاءً بِجِنَايَةِ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهَا كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ كَالْهَاشِمَةِ أَوْ لِكَوْنِ الْجَانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute