وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ.
وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَنِصْفَهُ بِآخَرَ فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ، وَلَوْ رَهَنَاهُ فَبَرِئَ أَحَدُهُمَا انْفَكَّ نَصِيبُهُ.
ــ
[مغني المحتاج]
ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ فَالْفَكُّ يُفَوِّتُهَا، وَخَرَجَ بِالْمُرْتَهِنِ الرَّاهِنُ فَلَا يَنْفَكُّ بِفَسْخِهِ لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَتِهِ (وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ) جَمِيعِ (الدَّيْنِ) بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلَوْ بِحَوَالَةِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَوْ اعْتَاضَ عَنْ الدَّيْنِ عَيْنًا انْفَكَّ الرَّهْنُ، فَلَوْ تَلِفَتْ أَوْ تَقَايَلَا فِي الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا عَادَ الْمَرْهُونُ رَهْنًا (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ قَلَّ (لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَكَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ وَعِتْقِ الْمُكَاتَبِ؛ وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ، فَلَوْ شَرَطَ كُلَّمَا قُضِيَ مِنْ الْحَقِّ شَيْءٌ انْفَكَّ مِنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ الرَّهْنُ لِاشْتِرَاطِ مَا يُنَافِيه كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
(وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَنِصْفَهُ بِآخَرَ) فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى (فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ (وَلَوْ رَهَنَاهُ) بِدَيْنٍ (فَبَرِئَ أَحَدُهُمَا) مِمَّا عَلَيْهِ (انْفَكَّ نَصِيبُهُ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ وَلَوْ اتَّحَدَ وَكِيلُهُمَا. قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَعَدَمِهِ، وَمَتَى تَعَدَّدَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ تَعَدَّدَ الدَّيْنُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِتَعَدُّدِ الْوَكِيلِ وَاتِّحَادِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ ضَمَانٍ فَنُظِرَ فِيهِ إلَى الْمُبَاشِرِ لَهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ اثْنَيْنِ فَبَرِئَ مِنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ لِتَعَدُّدِ مُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ. فَإِنْ قِيلَ مَا يَأْخُذْهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، فَكَيْفَ تَنْفَكُّ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَخْذِهِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَتَّحِدْ جِهَةُ دَيْنِهِمَا، أَوْ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ لَا بِالْأَخْذِ، وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا اسْتَعَارَهُ مِنْ اثْنَيْنِ لِيَرْهَنَهُ ثُمَّ أَدَّى نِصْفَ الدَّيْنِ وَقَصَدَ فِكَاكَ نِصْفِ الْعَبْدِ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُ انْفَكَّ نِصْفُهُ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الشُّيُوعَ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُمَا أَوْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ.
(فُرُوعٌ) : لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ آخَرُ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا لَهُ كَانَ مَرْهُونًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ عَنْ وَرَثَتِهِ فَفَدَى أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَنْفَكَّ كَمَا فِي الْمُوَرَّثِ؛ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ، وَقَضِيَّتُهُ حَبْسُ كُلِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَدَى نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ: إمَّا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ بِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ، أَوْ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ فَأَدَّى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ يَنْقَطِعُ التَّعَلُّقُ عَنْهُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute