وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِهِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ غَصَبَتْهُ صُدِّقَ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ وَكَذَا إنْ قَالَ: أَقْبَضْتُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى فِي الْأَصَحِّ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، وَقِيلَ لَا يُحَلِّفُهُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا كَقَوْلِهِ أَشْهَدْتُ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْمُدَّعِي مَعَهُ ثَبَتَ رَهْنُ الْجَمِيعِ وَلَوْ زَعَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَا رَهَنَ نَصِيبَهُ وَأَنَّ شَرِيكَهُ رَهَنَ أَوْ سَكَتَ عَنْ شَرِيكِهِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَرُبَّمَا نَسِيَ، وَإِنْ تَعَمَّدَ فَالْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُوجِبُ الْفِسْقَ، وَلِهَذَا لَوْ تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَا فِي حَادِثَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فِي التَّخَاصُمِ فَإِنْ قِيلَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْكَذْبَةَ الْوَاحِدَةَ غَيْرُ مُفَسِّقَةٍ، مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ انْضِمَامِ غَيْرِهَا إلَيْهَا كَجَحْدِ حَقٍّ وَاجِبٍ وَهَذَا بِتَقْدِيرِ تَعَمُّدِهِ يَكُونُ جَاحِدًا لِحَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَيُفَسَّقُ بِذَلِكَ.
أُجِيبَ بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ مُفَسِّقًا أَنْ يُفَوِّتَ الْمَالِيَّةَ عَلَى الْغَيْرِ، وَهُنَا لَمْ يُفَوِّتْ إلَّا حَقَّ الْوَثِيقَةِ. فَإِنْ قِيلَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمُدَّعِي بِظُلْمِهَا بِالْإِنْكَارِ بِلَا تَأْوِيلٍ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَهُمَا.
أُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّهُ بِذَلِكَ ظَهَرَ مِنْهُ هَذَا إذْ لَيْسَ كُلُّ ظُلْمٍ خَالٍ عَنْ تَأْوِيلٍ مُفَسِّقًا بِدَلِيلِ الْغَيْبَةِ وَلَوْ ادَّعَيَا عَلَى وَاحِدٍ أَنَّهُ رَهَنَهُمَا عَبْدَهُ وَأَقْبَضَهُ لَهُمَا وَصَدَقَ أَحَدَهُمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ لِلْمُكَذِّبِ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكَهُ فِيهِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَبْسُوطًا. .
(وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (فِي قَبْضِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: غَصَبْتُهُ صُدِّقَ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ الرَّهْنِ وَعَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ (وَكَذَا إنْ قَالَ: أَقْبَضْتُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى) كَإِجَارَةٍ أَوْ إيدَاعٍ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الرَّهْنِ. وَالثَّانِي: يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قَبْضِ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالرَّاهِنُ يُرِيدُ صَرْفَهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِتَقَدُّمِ الْعَقْدِ الْمُحْوِجِ إلَى الْقَبْضِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَتَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُصَدَّقُ مَنْ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ. .
(وَلَوْ أَقَرَّ) الرَّاهِنُ (بِقَبْضِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ (وَقِيلَ لَا يُحَلِّفُهُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا كَقَوْلِهِ: أَشْهَدْتُ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ) قَبْلَ حَقِيقَةِ الْقَبْضِ، وَالرَّسْمُ الْكِتَابَةُ، وَالْقَبَالَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْوَرَقَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الْحَقُّ الْمُقَرُّ بِهِ: أَيْ أَشْهَدْتُ عَلَى الْكِتَابَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْوَثِيقَةِ لِكَيْ آخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَنْتُ حُصُولَ الْقَبْضِ بِالْقَوْلِ أَوْ أُلْقِيَ إلَيَّ كِتَابٌ عَلَى لِسَانِ وَكِيلِي أَنَّهُ أُقْبَضَ ثُمَّ خَرَجَ مُزَوِّرًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute