وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ بِمُعَامَلَةٍ، أَوْ مُطْلَقًا لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ، وَإِنْ قَالَ عَنْ جِنَايَةٍ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ،
ــ
[مغني المحتاج]
مَا وَجَبَ، وَلَكِنَّهُ تَأَخَّرَ لُزُومُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْخِيَارُ، وَقَوْلُهُ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ فَقَطْ (وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ) إسْنَادًا مُقَيَّدًا (بِمُعَامَلَةٍ، أَوْ) إسْنَادًا (مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُعَامَلَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ) فَلَا يُزَاحِمُهُمْ بَلْ يُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ فَكَّ الْحَجْرِ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَقْصِيرٍ مِنْ عَامِلِهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِتَنْزِيلِ الْإِقْرَارِ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَاتِبِ وَهُوَ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ، فَلَوْ لَمْ يُسْنِدْ وُجُوبَهُ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَلَا إلَى مَا بَعْدَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَنْزِيلُهُ عَلَى الْأَقَلِّ، وَهُوَ جَعْلُهُ كَإِسْنَادِهِ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ، فَإِنْ كَانَ مَا أَطْلَقَهُ دَيْنَ مُعَامَلَةٍ لَمْ يُقْبَلْ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ لُزُومِهِ، أَوْ دَيْنَ جِنَايَةٍ قُبِلَ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَهُوَ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَمْ يُقْبَلْ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِهِ وَكَوْنِهِ دَيْنَ مُعَامَلَةٍ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهَذَا التَّنْزِيلُ ظَاهِرٌ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَتَّفِقْ الْمُرَاجَعَةُ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْمَتْنِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَجَبَ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَاعْتَرَفَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَائِهِ قُبِلَ وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ: أَيْ: لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَائِهِ شَرْعًا يَسْتَلْزِمُ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَاءِ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ (وَإِنْ قَالَ عَنْ جِنَايَةٍ) بَعْدَ الْحَجْرِ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) فَيُزَاحِمُهُمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَالَ عَنْ مُعَامَلَةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَزِمَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ إنْ كَانَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ، أَوْ لَا بِرِضَاهُ قُبِلَ.
تَنْبِيهٌ لَوْ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لَكَانَ أَوْلَى، فَإِنَّ أَصَحَّ الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَسْنَدَ لُزُومَهُ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ حَتَّى يُقْبَلَ فِي الْأَظْهَرِ.
(وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ) أَوْ الْإِقَالَةِ (مَا كَانَ اشْتَرَاهُ) قَبْلَ الْحَجْرِ (إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ) وَلَيْسَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَيْسَ تَصَرُّفًا مُبْتَدَأً فَيَمْتَنِعُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الَّذِي لَمْ يَشْمَلْهُ الْحَجْرُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ رَدِّهِ حِينَئِذٍ دُونَ لُزُومِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي إذْ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتُ الْحَاصِلِ، وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ الِاكْتِسَابِ.
فَإِنْ قِيلَ: نُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فِي صِحَّتِهِ شَيْئًا ثُمَّ مَرِضَ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَالْغِبْطَةُ فِي رَدِّهِ وَلَمْ يَرُدَّ حَسَبَ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الثُّلُثِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ تَفْوِيتٌ وَقَضِيَّتُهُ لُزُومُ الرَّدِّ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الضَّرَرَ اللَّاحِقَ لِلْغُرَمَاءِ بِتَرْكِ الرَّدِّ قَدْ يُجْبَرُ بِالْكَسْبِ بَعْدُ، بِخِلَافِ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ لِلْوَرَثَةِ بِذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute