وَالثَّمَنُ تَالِفٌ فَكَدَيْنٍ ظَهَرَ.
وَإِنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ بَاعَهُ الْحَاكِمُ قُدِّمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَفِي قَوْلٍ يُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ.
وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَقْسِمَ مَالَهُ
ــ
[مغني المحتاج]
وَالثَّمَنُ) الْمَقْبُوضُ (تَالِفٌ فَكَدَيْنٍ ظَهَرَ) سَوَاءٌ أَتَلِفَ قَبْلَ الْحَجْرِ أَمْ بَعْدَهُ لِثُبُوتِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَالثَّمَنُ تَالِفٌ مَا إذَا كَانَ بَاقِيًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ.
فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ: فَكَدَيْنٍ ظَهَرَ لَا مَعْنَى لِلْكَافِ بَلْ هُوَ دَيْنٌ ظَهَرَ حَقِيقَةً.
أُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَاهَا مِثْلُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَمِثْلُ الدَّيْنِ اللَّازِمِ دَيْنٌ ظَهَرَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فَيُشَارِكُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ مِنْ غَيْرِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ أَوْ مَعَ نَقْضِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْبَدَلُ لِيَشْمَلَ الْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ.
(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ بَاعَهُ الْحَاكِمُ) أَوْ أَمِينُهُ وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ تَالِفٌ (قُدِّمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَيْ بِمِثْلِهِ عَلَى بَاقِي الْغُرَمَاءِ لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ شِرَاءِ مَالِ الْمُفْلِسِ، فَكَانَ التَّقْدِيمُ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمُؤَنِ (وَفِي قَوْلٍ يُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ) بِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ، وَلَيْسَ الْحَاكِمُ وَلَا أَمِينُهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ.
(وَيُنْفِقُ) الْحَاكِمُ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ عَلَيْهِ وَ (عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) مِنْ زَوْجَةٍ وَقَرِيبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَخَادِمٍ (حَتَّى يُقَسِّمَ مَالَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ وَمَحَلُّهُ فِي الزَّوْجَةِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ. أَمَّا الْمَنْكُوحَةُ بَعْدَهُ فَلَا، بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُتَجَدِّدِ لَهُ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِعَدَمِ الِاخْتِيَارِ فِي الْوَلَدِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَمْلُوكِ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْغُرَمَاءِ.
فَإِنْ قِيلَ لَوْ أَقَرَّ السَّفِيهُ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلَّا كَانَ الْمُفْلِسُ كَذَلِكَ.
أُجِيبَ بِأَنَّ إقْرَارَ السَّفِيهِ بِالْمَالِ وَبِمَا يَقْتَضِيهِ لَا يُقْبَلُ. بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَغَايَتُهُ هُنَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَإِقْرَارُهُ بِهِ مَقْبُولٌ وَيَجِبُ أَدَاؤُهُ. فَبِالْأَوْلَى وُجُوبُ الْإِنْفَاقِ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا: كَثُبُوتِ النَّسَبِ تَبَعًا لِثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ. فَإِنْ قِيلَ هَلَّا كَانَ إقْرَارُهُ كَتَجْدِيدِ الزَّوْجَةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ. فَإِنْ قِيلَ قَدْ يَكُونُ الْآخَرُ وَاجِبًا بِأَنْ ظَلَمَهَا فِي الْقَسْمِ وَطَلَّقَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ تُسَامِحَهُ مِنْ حَقِّهَا وَلَا كَذَلِكَ النَّسَبُ، وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَأَوْلَدَهَا وَقُلْنَا بِنُفُوذِ إيلَادِهِ، فَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَفَارَقَتْ الزَّوْجَةُ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْفَسْخِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَيُنْفِقُ عَلَى الزَّوْجَةِ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمُوَافِقِ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ. وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ لَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْقَرِيبِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ غَيْرُ الْمُعْتَبَرِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، لِأَنَّ