للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ رَجَعَ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ، وَإِنْ زَادَتْ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُبَاعُ، وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ.

وَلَوْ صَبَغَهُ بِصِبْغَةٍ فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ قَدْرَ قِيمَةِ الصِّبْغِ رَجَعَ، وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصَّبْغِ

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ) بِمَا فَعَلَهُ بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَوْجُودٌ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ غَيْرُهُ (وَإِنْ زَادَتْ) عَلَيْهَا (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (يُبَاعُ) وَيَصِيرُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حَصَلَتْ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ مُتَقَوِّمٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُضَيَّعَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ (وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ) بِالْعَمَلِ، مِثَالُهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَةٌ وَبَلَغَ بِالْقِصَارَةِ سِتَّةً فَلِلْمُفْلِسِ سُدُسُ الثَّمَنِ، وَلِلْبَائِعِ إمْسَاكُ الْمَبِيعِ لِنَفْسِهِ وَإِعْطَاءُ الْمُفْلِسِ حِصَّةَ الزِّيَادَةِ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ. وَالثَّانِي: لَا شَرِكَةَ لِلْمُفْلِسِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَثَرٌ كَسِمَنِ الدَّابَّةِ بِالْعَلَفِ، وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ بِالسَّقْيِ وَالتَّعَهُّدِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الطَّحْنَ أَوْ الْقِصَارَةَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ السِّمَنِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ، فَإِنَّ الْعَلَفَ وَالسَّقْيَ يُوجَدَانِ كَثِيرًا وَلَا يَحْصُلُ السِّمَنُ وَالْكِبَرُ فَكَأَنَّ الْأَثَرَ فِيهِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَى فِعْلِهِ، بَلْ مَحْضُ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَكْبِيرِ الشَّجَرَةِ وَتَسْمِينِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ الْقِصَارَةِ وَالطَّحْنِ.

تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ وَدَفْعَ الزِّيَادَةِ لِلْمُفْلِسِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَقَالَ: فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لِلْمُفْلِسِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ لَأَفْهَمَ ذَلِكَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالطَّحْنِ وَالْقَصْرِ إلَى ضَابِطِ صُوَرِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ صُنْعُ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيهِ كَخَبْزِ الدَّقِيقِ وَذَبْحِ الشَّاةِ وَشَيِّ اللَّحْمِ وَضَرْبِ اللَّبِنِ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ، وَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ، وَتَعْلِيمِ الرَّقِيقِ الْقُرْآنَ أَوْ حِرْفَةً، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ الظُّهُورَ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الدَّابَّةِ وَسِيَاسَتَهَا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ الشَّرِكَةُ، لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ أَثَرٌ عَلَى الدَّابَّةِ.

(وَلَوْ صَبَغَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ (بِصِبْغَةٍ) ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) بِسَبَبِ الصِّبْغِ (قَدْرَ قِيمَةِ الصِّبْغِ) كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَبْيَضَ أَرْبَعَةً وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ فَصَارَ بَعْدَ الصِّبْغِ يُسَاوِي سِتَّةً (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ (وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصِّبْغِ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الثَّوْبُ خَاصَّةً فَيُبَاعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا. وَفِي كَيْفِيَّةِ الشَّرِكَةِ وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَصَحُّهُمَا كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْغَصْبِ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ كُلَّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلَّ الصِّبْغِ لِلْمُفْلِسِ، كَمَا لَوْ غَرَسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>