وَلَا تَلِي الْأُمُّ فِي الْأَصَحِّ.
وَيَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيَبْنِي دُورَهُ بِالطِّينِ وَالْآجُرِّ لَا اللَّبِنِ وَالْجِصِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْجُرْجَانِيِّ: وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ، فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّظَرُ فِي حَالِ مَحْجُورِهِمْ وَتَوَلِّي حِفْظَ مَالِهِ (وَلَا تَلِي الْأُمُّ فِي الْأَصَحِّ) كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ. وَالثَّانِي: تَلِي بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَتُقَدَّمُ عَلَى وَصِيِّهِمَا لِكَمَالِ شَفَقَتِهَا، وَكَذَا لَا وِلَايَةَ لِسَائِرِ الْعَصَبَاتِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ. نَعَمْ لَهُمْ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَسُومِحَ بِهِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ اهـ.
أَمَّا السَّفِيهُ فَوَاضِحٌ.
وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَفِيهِ نَظَرٌ. نَعَمْ إنْ حُمِلَ عَلَى مَنْ لَهُ نَوْعٌ تَمْيِيزٍ فَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُ.
(وَيَتَصَرَّفُ) لَهُ (الْوَلِيُّ بِالْمَصْلَحَةِ) وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ التَّصَرُّفَ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا شَرَّ مَمْنُوعٌ مِنْهُ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ حِفْظُ مَالِ الصَّبِيِّ عَنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ وَاسْتِنْمَاؤُهُ قَدْرَ مَا تَأْكُلُهُ الْمُؤَنُ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ، وَلَوْ خَافَ الْوَلِيُّ اسْتِيلَاءَ ظَالِمٍ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ، فَلَهُ بَذْلُ بَعْضِهِ لِتَخْلِيصِهِ وُجُوبًا، وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِخَرْقِ السَّيِّدِ الْخَضِرِ السَّفِينَةَ، وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ أَوْ السَّفِيهِ كَسْبٌ: أَيْ يَلِيقُ بِهِ أَجْبَرَهُ الْوَلِيُّ عَلَى الِاكْتِسَابِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَنُدِبَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ الْعَقَارَ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ إذَا حَصَلَ مِنْ رِيعِهِ الْكِفَايَةُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، هَذَا إنْ لَمْ يَخَفْ جَوْرًا مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ خَرَابًا لِلْعَقَارِ وَلَمْ يَجِدْ بِهِ نَقْلَ خَرَاجٍ، وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَقْتَ الْأَمْنِ، وَالتَّسْفِيرُ بِهِ مَعَ ثِقَةٍ وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ نَحْوِ حَرِيقٍ أَوْ نَهْبٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ لَا فِي نَحْوِ بَحْرٍ وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَرْكَبُ بِالصَّبِيِّ الْبَحْرَ وَإِنْ غَلَبَتْ سَلَامَتُهُ كَمَالِهِ، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حُرُمَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ لِمُنَافَاتِهِ غَرَضَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي حِفْظِهِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِهِ هُوَ فَيَجُوزُ أَنْ يُرْكِبَهُ الْبَحْرَ إذَا غَلَبَتْ السَّلَامَةُ، كَمَا يَجُوزُ إرْكَابُ نَفْسِهِ وَالْفَرْقُ أَظْهَرُ، وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ تَحْرِيمِ إرْكَابِ الْبَهَائِمِ وَالْأَرِقَّاءِ وَالْحَامِلِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الْجَمِيعِ (وَيَبْنِي دُورَهُ) وَمَسَاكِنَهُ (بِالطِّينِ وَالْآجُرِّ) أَيْ الطُّوبِ الْمُحْرَقِ؛ لِأَنَّ الطِّينَ قَلِيلُ الْمُؤْنَةِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ النَّقْضِ وَالْآجُرُّ يَبْقَى (لَا اللَّبِنِ) أَيْ الطُّوبِ الَّذِي لَمْ يُحْرَقْ (وَالْجِصِّ) أَيْ الْجِبْسِ؛ لِأَنَّ اللَّبِنَ قَلِيلُ الْبَقَاءِ وَيَتَكَسَّرُ عِنْدَ النَّقْضِ وَالْجِبْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute