وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ بِعَرْضٍ وَنَسِيئَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ، وَإِذَا بَاعَ نَسِيئَةً أَشْهَدَ وَارْتَهَنَ بِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
رَأْسِ الْمَالِ لِيَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ مَا هُوَ مَظِنَّةً لِلرِّبْحِ جَازَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَوْ طَلَبَ مَالَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَجَبَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَقَارًا يَحْصُلُ لَهُ مِنْهُ كِفَايَتُهُ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ عِمَارَةَ عَقَارِ مَحْجُورِهِ حَتَّى خَرِبَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَثِمَ، وَهَلْ يَضْمَنُ كَمَا فِي تَرْكِ عَلَفِ الدَّابَّةِ أَوْ لَا كَمَا فِي تَرْكِ التَّلْقِيحِ؟ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ تَرَكَ إيجَارَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا عَدَمُ الضَّمَانِ فِيهِمَا وَيُفَارِقُ تَرْكَ الْعَلَفِ بِأَنَّ فِيهِ إتْلَافُ رَوْحٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا. قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرَقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ: أَيْ تَلِفَ، وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِ مَالِهِ لِتَوَقُّعِ زِيَادَةٍ فَتَلِفَ الْمَالُ فَلَا ضَمَانَ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَلَوْ أَجَّرَ بَيَاضَ أَرْضِ بُسْتَانِهِ بِأُجْرَةٍ وَافِيَةٍ بِمِقْدَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرِ ثُمَّ سَاقَى عَلَى شَجَرِهِ عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِلْيَتِيمِ؛ وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ: الظَّاهِرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ شَيْئًا إلَّا لِضَرُورَةٍ كَحَرِيقٍ وَنَهْبٍ، أَوْ أَنْ يُرِيدَ سَفَرًا يَخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ. أَمَّا الْقَاضِي فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ وَلَا يُقْرِضُهُ إلَّا لِمَلِيءٍ أَمِينٍ، وَيَأْخُذُ رَهْنًا إنْ رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَا يُودِعُهُ أَمِينًا إلَّا عِنْدَ عَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إقْرَاضِهِ.
(وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ بِعَرْضٍ وَنَسِيئَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ) الَّتِي يَرَاهَا فِيهِمَا، كَأَنْ يَكُونَ فِي الْأَوَّلِ رِبْحٌ وَفِي الثَّانِي زِيَادَةٌ لَائِقَةٌ، أَوْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ نَهْبٍ أَوْ إغَارَةٍ (وَإِذَا بَاعَ نَسِيئَةً أَشْهَدَ) عَلَى الْبَيْعِ وُجُوبًا (وَارْتَهَنَ بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ رَهْنًا وَافِيًا بِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مُوسِرًا ثِقَةً وَالْأَجَلُ قَصِيرًا عُرْفًا احْتِيَاطًا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ضَمِنَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَبَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ: وَقَالَ الْإِمَامُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيئًا اهـ.
وَالْأَوْجَهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ، وَلَا يُجْزِئُ فِيهِ الْكَفِيلُ عَنْ الِارْتِهَانِ. نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَالْجَدَّ الِارْتِهَانُ مِنْ نَفْسِهِمَا لَهُ وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمَا بِأَنْ بَاعَا مَالَهُ لِأَنْفُسِهِمَا نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ فِي حَقِّهِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِصِحَّةِ بَيْعِهِمَا مَالَ وَلَدِهِمَا إذَا رَفَعَاهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتَا أَنَّ بَيْعَهُمَا وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ فِي حَقِّ وَلَدِهِمَا وَفِي وُجُوبِ إقَامَتِهِمَا الْبَيِّنَةَ بِالْعَدَالَةِ لِيُسَجِّلَ لَهُمَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ كَشُهُودِ النِّكَاحِ وَالثَّانِي: نَعَمْ كَمَا يَجِبُ إثْبَاتُ عَدَالَةِ الشُّهُودِ لِيَحْكُمَ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ بِخِلَافِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَوَازِ تَرْكِ الْحُكْمِ لَهُمَا عَلَى الْوِلَايَةِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا طَلَبَا مِنْهُ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُمَا بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ إقَامَتُهُمَا الْبَيِّنَةَ بِالْمَصْلَحَةِ وَبِعَدَالَتِهِمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute