للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَفِي قَبْضِهِ الْوَجْهَانِ، وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى بَعْضِهِ فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ، وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْحَطِّ وَنَحْوِهِمَا.

وَبِلَفْظِ الصُّلْحِ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ) لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَفِي قَبْضِهِ) فِي الْمَجْلِسِ (الْوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا يُشْتَرَطُ وَإِنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ اُشْتُرِطَ لِمَا سَبَقَ فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ أَحَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ لَاسْتَغْنَى عَنْ هَذَا التَّفْصِيلِ وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً قَبَضَهَا بِقَبْضِ مَحِلِّهَا فِيهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُتَّجَهُ تَخْرِيجُ اشْتِرَاطِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا صَالَحَ عَلَى عَيْنٍ (وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى بَعْضِهِ) كَرُبُعِهِ (فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَاهُ فَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الدَّيْنِ يَنْقَسِمُ إلَى مُعَاوَضَةٍ وَحَطِيطَةٍ كَالْعَيْنِ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَاقِي فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا الْعَقْدَ مُعَاوَضَةً، بَلْ إبْرَاءً، وَهَلْ يَعُودُ الدَّيْنُ إذَا امْتَنَعَ الْمُبْرَأُ مِنْ أَدَاءِ الْبَاقِي أَمْ لَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الْعَوْدِ (وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْحَطِّ وَنَحْوِهِمَا) كَالْوَضْعِ وَالْإِسْقَاطِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: طَلَبَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى سَمِعَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ إلَيْهِمَا وَنَادَى: يَا كَعْبُ، فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ، فَقَالَ قَدْ فَعَلْت، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قُمْ فَاقْضِهِ» .

وَإِذَا جَرَى ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْإِبْرَاءِ: كَأَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْك أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ: كَوَضَعْتهَا أَوْ أَسْقَطْتهَا عَنْك لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ عَلَى الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْإِبْرَاءُ إسْقَاطٌ أَمْ تَمْلِيكٌ (وَ) يَصِحُّ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ فِي الْأَصَحِّ) كَصَالَحْتُكَ عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْك عَلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَالْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي الصُّلْحِ مِنْ الْعَيْنِ عَلَى بَعْضِهَا: بِلَفْظِ الصُّلْحِ، فَيُؤْخَذُ تَوْجِيهُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مُدْرِكُهُ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى، وَالْأَصَحُّ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ هُنَا اشْتِرَاطُهُ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَنَظِيرِهِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْنِ.

تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الْمُصَالَحِ بِهَا مُعَيَّنَةً وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ، وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّ تَعْيِينَهَا يَقْتَضِي كَوْنَهَا عِوَضًا فَيَصِيرُ بَائِعًا الْأَلْفَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْخُوَارِزْمِيّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>