وَكَذَا إنْ جَرَى عَلَى بَعْضِهِ فِي الْأَصَحِّ.
وَقَوْلُهُ: صَالِحْنِي عَلَى الدَّارِ الَّتِي تَدَّعِيهَا لَيْسَ إقْرَارًا فِي الْأَصَحِّ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: يَجْرِي بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْأَجْنَبِيِّ: فَإِنْ قَالَ، وَكَّلَنِي
ــ
[مغني المحتاج]
لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي صُلْحِ الْحَطِيطَةِ وَفِيهِ فَرْضُ كَلَامِهِ.
وَأَمَّا إذَا صَالَحَ عَنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الظُّفْرِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، قَالَ: وَلَوْ أَنْكَرَ فَصُولِحَ ثُمَّ أَقَرَّ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
فَإِنْ قِيلَ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِلْمُصَالَحِ حَالَ الصُّلْحِ، فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بِشُرُوطِهِ فِي عِلْمِهِمَا أَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الصُّلْحِ الْإِقْرَارُ وَهُوَ مُنْتَفٍ حَالَ الْعَقْدِ، وَيَصِحُّ إبْرَاءُ الْمُنْكِرِ وَلَوْ بَعْدَ التَّحْلِيفِ، وَلَوْ تَصَالَحَا بَعْدَ التَّحْلِيفِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ تَصَالَحَا قَبْلَهُ (وَكَذَا) يَبْطُلُ الصُّلْحُ (إنْ جَرَى عَلَى بَعْضِهِ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الْمُدَّعَى كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى. وَالثَّانِي: يَصِحُّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ الْبَعْضَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُدَّعِي وَلَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِهَةِ لَا يَمْنَعُ الْأَخْذَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْوَجْهَيْنِ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا وَتَصَالَحَا عَنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ جَزْمًا؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ إنَّمَا هُوَ تَقْدِيرُ الْهِبَةِ وَإِيرَادُ الْهِبَةِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ مُمْتَنِعٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ بُطْلَانِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ مَسَائِلُ: مِنْهَا اصْطِلَاحُ الْوَرَثَةِ فِيمَا وُقِفَ بَيْنَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي إذَا لَمْ يَبْذُلْ أَحَدٌ عِوَضًا مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ، وَمِنْهَا مَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ وَوُقِفَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ فَاصْطَلَحْنَ، وَمِنْهَا مَا لَوْ تَدَاعَيَا وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ لِأَيِّكُمَا هِيَ، أَوْ دَارًا فِي يَدِهِمَا، فَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً ثُمَّ اصْطَلَحَا.
(وَقَوْلُهُ) بَعْدَ إنْكَارِهِ (صَالِحْنِي عَلَى الدَّارِ) مَثَلًا (الَّتِي تَدَّعِيهَا لَيْسَ إقْرَارًا فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ قَطْعَ الْخُصُومَةِ لَا غَيْرُ، وَالثَّانِي: إقْرَارٌ لِتَضَمُّنِهِ الِاعْتِرَافَ كَمَا لَوْ قَالَ: مَلِّكْنِي وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الصُّلْحُ بَعْدَ هَذَا الِالْتِمَاسِ صُلْحَ إنْكَارٍ. أَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً قَبْلَ إنْكَارِهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ جَزْمًا، وَلَوْ قَالَ: بِعْنِي الْعَيْنَ الَّتِي تَدَّعِيهَا أَوْ هَبْنِيهَا أَوْ زَوِّجْنِي هَذِهِ الْأَمَةَ أَوْ أَبْرِئْنِي مِمَّا تَدَّعِيهِ، فَإِقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْتِمَاسِ التَّمَلُّكِ أَوْ قَالَ: أَعِرْنِي أَوْ أَجِّرْنِي لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: تَرْجِيحُهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَسْتَعِيرُ مِلْكَهُ وَيَسْتَأْجِرُهُ مِنْ مُسْتَأْجِرِهِ وَلَكِنْ يَظْهَرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا أَنَّهُ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ، وَلَوْ قَالَ صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ جَزْمًا.
(الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ الصُّلْحِ (يَجْرِي بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْأَجْنَبِيِّ.
فَإِنْ قَالَ) الْأَجْنَبِيُّ (وَكَّلَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute