وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ قَطْعًا، وَلَا مَعْرِفَتُهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ كَوْنُهُ ثَابِتًا.
وَصَحَّحَ الْقَدِيمُ ضَمَانَ مَا سَيَجِبُ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ
ــ
[مغني المحتاج]
لِذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ السَّابِقِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ الرِّضَا، ثُمَّ الْقَبُولُ لَفْظًا. وَالثَّالِثُ يُشْتَرَطُ الرِّضَا دُونَ الْقَبُولِ لَفْظًا
تَنْبِيهٌ لَوْ زَادَ لَا قَبْلَ رِضَاهُ كَمَا قَدَّرْتهَا تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَعَ حَذْفِهَا لَا يُسْتَفَادُ إلَّا نَفْي الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَيَصْدُقُ الْكَلَامُ بِالْوَجْهِ الثَّالِثِ.
، ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ، فَقَالَ (وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ) وَهُوَ الْمَدِينُ (قَطْعًا) ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَائِزٌ فَالْتِزَامُهُ أَوْلَى، وَكَمَا يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً (وَلَا مَعْرِفَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى رِضَاهُ، إذْ لَيْسَ ثَمَّ مُعَامَلَةٌ. وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ لِيَعْرِفَ هَلْ هُوَ مُوسِرٌ أَوْ مِمَّنْ يُبَادِرُ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ يَسْتَحِقُّ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ أَوْ لَا، وَرَدَّ بِأَنَّ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ لِأَهْلِهِ وَلِغَيْرِ أَهْلِهِ مَعْرُوفٌ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي شَرْطِ الْمَضْمُونِ وَهُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ، فَقَالَ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ) وَهُوَ الدَّيْنُ أَوْ الْعَيْنُ الْمَضْمُونَةُ (كَوْنُهُ) حَقًّا (ثَابِتًا) حَالَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، سَوَاءٌ أَجَرَى سَبَبَ وُجُوبِهِ: كَنَفَقَةِ مَا بَعْدَ الْيَوْمِ لِلزَّوْجَةِ وَخَادِمهَا أَمْ لَا كَضَمَانِ مَا سَيُقْرِضُهُ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَثِيقَةُ الْحَقِّ فَلَا يَسْبِقُهُ كَالشَّهَادَةِ، فَيَصِحُّ بِنَفَقَةِ الْيَوْمِ لِلزَّوْجَةِ وَمَا قَبْلَهُ لِثُبُوتِهِ لَا بِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِمُسْتَقْبَلٍ كَمَا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَفِي يَوْمِهِ وَجْهَانِ: صَحَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْهُمَا الْمَنْعَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ سَبِيلَهَا سَبِيلُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ لَا سَبِيلَ الدُّيُونِ، وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَضِيَافَةِ الْغَيْرِ، وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِ الْحَقِّ اعْتِرَافُ الضَّامِنِ لَا ثُبُوتُهُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ: لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو مِائَةٌ، وَأَنَا ضَامِنُهُ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو فَلِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ الْقَائِلِ فِي الْأَصَحِّ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: ثَابِتًا صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ حَقًّا ثَابِتًا كَمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كُتُبِهِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ فَيَشْمَلُ الْأَعْيَانَ الْمَضْمُونَةَ كَمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا، وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَمْ عَمَلًا فِي الذِّمَّةِ بِالْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَعْيَانِ صَرَّحَ فِيهِ بِالدَّيْنِ.
فَقَالَ هُنَاكَ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ دَيْنًا ثَابِتًا (وَصَحَّحَ) فِي (الْقَدِيمِ ضَمَانَ مَا سَيَجِبُ) كَثَمَنِ مَا سَيَبِيعُهُ أَوْ مَا سَيُقْرِضُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ التَّبِعَةُ: أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute