للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَا رُجُوعَ إنْ أَدَّى فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ وَكَذَّبَهُ، وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَصَحِّ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ لَهُ أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ رَجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّهُمَا قَدْ يَتَرَافَعَانِ إلَى حَنَفِيٍّ لَا يَقْضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَكَانَ ذَلِكَ ضَرْبًا مِنْ التَّقْصِيرِ وَرَدَّهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدٌ إشْهَادَ مَنْ يَتَّفِقُ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُولِهِ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: لِيَحْلِفَ مَعَهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْعَزْمِ عَلَى الْحَلِفِ عِنْدَ الْإِشْهَادِ، فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ كَانَ كَمَنْ لَمْ يُشْهِدْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ مَعَهُ رَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ عِنْدَ الْإِشْهَادِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ قِيلَ: إنْ كَانَ حَاكِمُ الْبَلَدِ حِينَ الدَّفْعِ وَالْإِشْهَادِ حَنَفِيًّا فَهُوَ مُقَصِّرٌ لَمْ يَبْعُدْ. اهـ. وَالظَّاهِرُ إطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَلَا يَكْفِي إشْهَادُ مَنْ يُسَافِرُ قَرِيبًا إذْ لَا يُفْضِي إلَى الْمَقْصُودِ.

(فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ) أَيْ: الضَّامِنُ بِالْأَدَاءِ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ أَوْ سَكَتَ (فَلَا رُجُوعَ) لَهُ (إنْ أَدَّى فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ وَكَذَّبَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْأَدَاءِ وَهُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ (وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِأَدَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بَاقِيَةٌ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ بِإِذْنِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ، إذْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْأَصِيلُ بِالْإِشْهَادِ أَوْ بِتَرْكِهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ جَزْمًا أَوْ بِتَرْكِهِ رَجَعَ جَزْمًا كَمَا قَالَ الدَّارِمِيُّ: وَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ، ثُمَّ أَدَّى ثَانِيًا وَأَشْهَدَ هَلْ يَرْجِعُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبْرِئُ لِلذِّمَّةِ أَوْ بِالثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُسْقِطُ لِلضَّمَانِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صِحَاحًا وَالْآخَرُ مُكَسَّرًا مَثَلًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِأَقَلِّهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ بِزَعْمِهِ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ الْمُبْرِئُ لِكَوْنِهِ أَشْهَدَ بِهِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الزَّائِدِ (فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ لَهُ) وَكَذَّبَهُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ (أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ) مَعَ تَكْذِيبِ الْمَضْمُونِ لَهُ (رَجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ الرَّاجِحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلِمَ الْأَصِيلُ بِالْأَدَاءِ فِي الثَّانِيَةِ.

وَالثَّانِي فِي الْأُولَى يَقُولُ تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى الْأَصِيلِ وَتَصْدِيقُ وَرَثَةِ رَبِّ الدَّيْنِ الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفَ كَتَصْدِيقِهِ وَهَلْ تَصْدِيقُ الْإِمَامِ حَيْثُ يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَتَصْدِيقِ الْوُرَّاثِ الْخَاصِّ أَوْ تَصْدِيقِ غُرَمَاءِ مَنْ مَاتَ مُفْلِسًا كَتَصْدِيقِ رَبِّ الدَّيْنِ؟ . قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَقُولُ: لَمْ يَنْتَفِعْ الْأَصِيلُ بِالْأَدَاءِ لِتَرْكِ الْإِشْهَادِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ الْإِشْهَادَ، فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِعَدَمِ تَوْفِيَتِهِ بِالشَّرْطِ، وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ فِي الضَّامِنِ الْمُؤَدِّي فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>