للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ بَاطِلَةٌ.

وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ صَحِيحَةٌ.

وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَوَّلُ (وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ) الثَّلَاثَةُ (بَاطِلَةٌ) . أَمَّا الْأَوَّلُ، وَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ فَلِعَدَمِ الْمَالِ فِيهَا وَلِمَا فِيهَا مِنْ الْغَرَرِ إذْ لَا يَدْرِي أَنَّ صَاحِبَهُ يَكْسِبُ أَمْ لَا؛ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزٌ بِبَدَنِهِ وَمَنَافِعِهِ فَيَخْتَصُّ بِفَوَائِدِهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي مَاشِيَتِهِمَا وَهِيَ مُتَمَيِّزَةٌ، وَيَكُونُ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ بَيْنَهُمَا وَقِيَاسًا عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ. وَأَمَّا الثَّانِي وَهِيَ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَلِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْغَرَرِ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنْ لَمْ تَكُنْ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةٌ فَلَا بَاطِلَ أَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، أَشَارَ إلَى كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ فِيهَا. نَعَمْ إنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ، كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا أَوْ اشْتَرَكْنَا شَرِكَةَ عِنَانٍ جَازَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ. وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهِيَ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ فَلِعَدَمِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِيهَا الَّذِي يُرْجَعُ إلَيْهِ عِنْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ، ثُمَّ مَا يَشْتَرِيه أَحَدُهُمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي مَلَكَهُ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خُسْرَانُهُ وَفِي التَّصْوِيرِ الثَّالِثِ قِرَاضٌ فَاسِدٌ لِاسْتِبْدَادِ الْمَالِكِ بِالْيَدِ. نَعَمْ إنْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا، وَقَصَدَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ لَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْعَيْنِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَلَوْ حَصَلَ شَيْءٌ فِي النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ اكْتِسَابِ الْمُشْتَرِكَيْنِ لَهُ مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِحَسَبِ الشَّرْطِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْأَوَّلِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الثَّانِي.

(وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ صَحِيحَةٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي مَالٍ لَهُمْ لِيَتَّجِرَا فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالْعِنَانُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ، إمَّا لِأَنَّهَا أَظْهَرُ الْأَنْوَاعِ، أَوْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَالُ الْآخَرِ، أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَإِمَّا لِاسْتِوَاءِ الشَّرِيكَيْنِ فِي وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخِ وَاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ، أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ التَّصَرُّفَ كَمَا شَاءَ كَمَنْعِ الْعِنَانِ الدَّابَّةَ، أَوْ لِمَنْعِ الشَّرِيكِ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَنْعِ الْأَخْذِ لِعِنَانِ الدَّابَّةِ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا كَيْفَ شَاءَ وَيَدُهُ الْأُخْرَى مُطْلَقَةٌ يَسْتَعْمِلُهَا كَيْفَ شَاءَ وَقِيلَ: مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ عَرَضَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ عَرَضَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْآخَرَ. وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ: أَيْ سَحَابِهِ؛ لِأَنَّهَا عَلَتْ كَالسَّحَابِ بِصِحَّتِهَا وَشُهْرَتِهَا وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّتِهَا كَمَا مَرَّ. وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّهَا بِالْفَتْحِ أَيْضًا مِنْ عَنَّ إذَا ظَهَرَ،

وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ: صِيغَةٌ وَعَاقِدَانِ وَمَالٌ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْعَمَلُ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا بِالصِّيغَةِ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِالشَّرْطِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ صِيغَةٌ وَهِيَ (لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>