بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ.
وَأَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ، فَلَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ إلَّا الْحَجَّ وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ، وَذَبْحَ أُضْحِيَّةٍ، وَلَا فِي شَهَادَةٍ
ــ
[مغني المحتاج]
طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَقَضَاءِ دَيْنٍ سَيَلْزَمُهُ (بَطَلَ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ حَالَ التَّوْكِيلِ فَكَيْفَ يَسْتَنِيبُ غَيْرَهُ؟ . وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَيُكْتَفَى بِحُصُولِ الْمِلْكِ عِنْدَ التَّصَرُّفِ.
تَنْبِيهٌ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنْ يُفْرِدَ مَا لَا يَمْلِكُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُهُ، فَإِنْ جَعَلَهُ تَبَعًا لِحَاضِرٍ كَبَيْعِ مَمْلُوكٍ، وَمَا سَيَمْلِكُهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرَّافِعِيِّ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْمَوْجُودِ، وَمَا سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَيْنٍ يَمْلِكُهَا، وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِثَمَنِهَا كَذَا فَأَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ بِطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا تَبَعًا لِمَنْكُوحَتِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَصْحَابِ، أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِبَيْعِ ثَمَرَةٍ قَبْلَ إثْمَارِهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِأَصْلِهَا، وَأَفْتَى بِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ فِيهِ مَا يَتَجَدَّدُ مِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ.
(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: (أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ فَمَا لَا يَقْبَلُهَا كَاسْتِيفَاءِ حَقِّ الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَاتِ لَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ (فَلَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الِابْتِلَاءُ وَالِاخْتِبَارُ بِإِتْعَابِ النَّفْسِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ (إلَّا الْحَجَّ) وَالْعُمْرَةَ عِنْد الْعَجْزِ (وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ) وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ (صَدَقَةٍ (وَذَبْحَ) هَدْيٍ وَجُبْرَانَ وَعَقِيقَةٍ وَوَأُضْحِيَّةٍ) وَشَاةِ وَلِيمَةٍ وَنَحْوِهَا لِأَدِلَّةٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الرَّمْيُ بِمِنًى وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ تَبَعًا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَلَوْ أَفْرَدَهُمَا بِالتَّوْكِيلِ لَمْ يَصِحَّ، وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى أَعْضَاءِ الْمُتَطَهِّرِ وَالْمُتَيَمِّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ، وَفِي اسْتِثْنَاءِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ وَالْمُتَيَمِّمَ حَقِيقَةً هُوَ الْعَاجِزُ وَصَوْمُ الْوَلِيِّ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَاعْتَذَرَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ اسْتِثْنَاءِ الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَقْفِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْعِبَادَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِيهَا. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ.
وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ التَّوْكِيلُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التُّرُوكِ وَلِذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَلَا) يَصِحُّ (فِي شَهَادَةٍ) ؛ لِأَنَّا احْتَطْنَا فِيهَا وَلَمْ يَقُمْ غَيْرُ لَفْظِهَا مَقَامَهَا فَأُلْحِقَتْ بِالْعِبَادَةِ؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِعِلْمِ الشَّاهِدِ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ لِلْوَكِيلِ. فَإِنْ قِيلَ: الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِاسْتِرْعَاءٍ وَنَحْوِهِ جَائِزَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَوْكِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ، بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute