وَيُشْتَرَطُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَفْظٌ يَقْتَضِي رِضَاهُ كَوَكَّلْتُكَ فِي كَذَا أَوْ فَوَّضْته إلَيْك أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ، فَلَوْ قَالَ بِعْ أَوْ أَعْتِقْ حَصَلَ الْإِذْنُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ كَوَكَّلْتُكَ، دُونَ صِيَغِ الْأَمْرِ كَبِعْ وَأَعْتِقْ.
وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
مِائَةٍ إلَى أَلْفٍ لِظُهُورِ التَّفَاوُتِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ فَقَالَ: (وَيُشْتَرَطُ) فِي الصِّيغَةِ (مِنْ الْمُوَكِّلِ لَفْظٌ) وَلَوْ كِنَايَةٌ (يَقْتَضِ رِضَاهُ) وَفِي مَعْنَاهَا مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (كَوَكَّلْتُكَ فِي كَذَا أَوْ فَوَّضْته إلَيْك أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ) أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي، أَوْ أَنَبْتُك، كَمَا يُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهُ (فَلَوْ قَالَ: بِعْ أَوْ أَعْتِقْ حَصَلَ الْإِذْنُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِمَّا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ لَا يُسَمَّى إيجَابًا وَإِنَّمَا هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: حَصَلَ الْإِذْنُ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) مِنْ الْوَكِيلِ (لَفْظًا) ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ إبَاحَةٌ وَرَفْعُ حَجْرٍ فَأَشْبَهَ إبَاحَةَ الطَّعَامِ، وَعَلَى هَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ عِلْمُ الْوَكِيلِ بِهَا، فَلَوْ تَصَرَّفَ قَبْلِ عِلْمِهِ فَكَبَيْعِ مَالِ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) فِيهِ كَغَيْرِهِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ كَوَكَّلْتُكَ، دُونَ صِيَغِ الْأَمْرِ كَبِعْ وَأَعْتِقْ) إلْحَاقًا لِصِيَغِ الْعَقْدِ بِالْعُقُودِ وَالْأَمْرِ بِالْإِبَاحَةِ.
تَنْبِيهٌ قَدْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْأَوَّلِ الْقَبُولُ لَفْظًا فِيمَا لَوْ كَانَ لِإِنْسَانٍ عَيْنٌ مُعَارَةٌ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٌ أَوْ مَغْصُوبَةٌ فَوَهَبَهَا لِآخَرَ فَقَبِلَهَا، وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَكَّلَ فِي قَبْضِهَا الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْ الْغَاصِبَ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ لَفْظًا، وَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِمَا سَبَقَ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الرِّضَا بِقَبْضِهِ عَنْ الْغَيْرِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَفْظًا عَنْ الْقَبُولِ مَعْنًى فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بِمَعْنَى الرِّضَا فَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ، أَوْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الطَّلَاقِ، أَوْ بِمَعْنَى عَدَمِ الرَّدِّ فَيُشْتَرَطُ جَزْمًا، فَلَوْ قَالَ: لَا أَقْبَلُ أَوْ لَا أَفْعَلُ بَطَلَتْ، فَإِنْ نَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ جُدِّدَتْ لَهُ، وَمَرَّ أَنَّ الْمَفْهُومَ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ، وَتَكْفِي الْكِتَابَةُ وَالرِّسَالَةُ فِي الْوَكَالَةِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ) مِنْ صِفَةٍ أَوْ وَقْتٍ كَقَوْلِهِ: إذَا قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ وَكَّلْتُك بِكَذَا، أَوْ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْعُقُودِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ كَالْوَصِيَّةِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَقْبَلُ الْجَهَالَةَ فَتَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَيَنْفُذُ أَيْضًا تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْإِذْنَ حَيْثُ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ فَاسِدًا كَقَوْلِهِ: وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute