للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّفَاتُ فَلَا غُسْلَ.

وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ.

وَيَحْرُمُ بِهَا مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ، وَالْمُكْثُ بِالْمَسْجِدِ

ــ

[مغني المحتاج]

الصِّفَاتُ) الْمَذْكُورَةُ فِي الْخَارِجِ (فَلَا غُسْلَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنِيٍّ، فَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَ الْخَارِجِ مَنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ كَوَدْيٍ أَوْ مَذْيٍ تُخَيِّرَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ جَعَلَهُ مَنِيًّا اغْتَسَلَ أَوْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ مَا أَصَابَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ، وَلَا مُعَارِضَ لَهُ، بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُمَا لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِمَا جَمِيعًا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى كُلٍّ مِنْهُمَا احْتِيَاطًا قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ وُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ بِتَزْكِيَةِ الْأَكْثَرِ ذَهَبًا وَفِضَّةً فِي الْإِنَاءِ الْمُخْتَلِطِ مِنْهُمَا إذَا جُهِلَ قَدْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ.

وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ رُجْحَانُهُ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَنْعِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ ثَمَّ مُمْكِنٌ بِسَبْكِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْوُضُوءَ أَوْ اخْتَارَهُ لَزِمَهُ التَّرْتِيبُ وَغَسَلَ مَا أَصَابَهُ، وَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَفَعَلَهُ اعْتَدَّ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَفَعَلَ الْآخَرَ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِذَا اخْتَارَ أَنَّهُ مَنِيٌّ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ لِلشَّكِّ فِي الْجَنَابَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخِي.

قَالَ: وَلِهَذَا مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ غَسْلَ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ

(وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِهَا فِيمَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ الْجَنَابَةِ بِالطَّرِيقَيْنِ الْمَارَّيْنِ، وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرًا مَقْطُوعًا أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ لَزِمَهَا الْغُسْلُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِدْخَالِهِ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ وَسَطِهِ بِجَمْعِ طَرَفَيْهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ اهـ.

وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخِي أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى الْحَشَفَةِ حَيْثُ وُجِدَتْ، وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّ مَنِيَّهَا يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ.

وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَيُؤَيِّدُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَوْلُ الْمُخْتَصَرِ: وَإِذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الْمَاءَ الدَّافِقَ.

فَرْعٌ: لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَوْ بِظَاهِرِهِ مَنِيًّا لَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ وَإِعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ لَا يَحْتَمِلُ خُلُوَّهَا عَنْهُ، وَيُسْتَحَبُّ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ احْتَمَلَ خُلُوَّهَا عَنْهُ لَا إعَادَةُ الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ لَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ مِنْ آخَرَ نَامَ مَعَهُ فِي فِرَاشِهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْغُسْلُ وَالْإِعَادَةُ.

وَلَوْ أَحَسَّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ

(وَيَحْرُمُ بِهَا) أَيْ بِالْجَنَابَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ دُخُولِ الْحَشَفَةِ أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ. أَمَّا مَا قَبْلَ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي مُحَرَّمَاتُهُ فِي بَابِ الْحَيْضِ (مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ) الْأَصْغَرِ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَظُ مِنْهُ (وَ) شَيْئَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: (الْمُكْثُ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِالْمَسْجِدِ) أَوْ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: أَيْ لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عُبُورُ سَبِيلٍ؛ بَلْ فِي مَوَاضِعِهَا وَهُوَ الْمَسْجِدُ، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} [الحج: ٤٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>