للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ، وَفِي مَرَضِهِ لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ، وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ

وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْإِقْرَارُ بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَقَاسَمُوهُ، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْمُلَقِّنِ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي الْوَارِثِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَلِذَلِكَ اخْتَارَ الرُّويَانِيُّ مَذْهَبَ مَالِكٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ وَإِلَّا قُبِلَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ قَوِيٌّ وَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِالْقَرَائِنِ كِذْبُهُ بَلْ يُقْطَعُ بِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَخْشَى اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ أَوْ يُفْتِيَ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَإِنْ سَاعَدَهُ إطْلَاقُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا عَلِمَ أَنَّ قَصْدَهُ الْحِرْمَانُ. نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ لِمَنْ لَا يَسْتَغْرِقُ الْإِرْثَ وَمَعَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَالْوَجْهُ إمْضَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ لِفَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ.

وَالْخِلَافُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ. أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِنِكَاحٍ أَوْ عُقُوبَةٍ فَيَصِحُّ جَزْمًا وَإِنْ أَفْضَى إلَى الْمَالِ بِالْعَفْوِ أَوْ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لِضِعْفِ التُّهْمَةِ.

(وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ) لِإِنْسَانٍ (وَفِي مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ) بَلْ يَتَسَاوَيَانِ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ (وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ (وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ كَإِقْرَارِ الْمُوَرِّثِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنَيْنِ. وَالثَّانِي: يُقَدَّم الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ صَرْفُهَا عَنْهُ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ فِي الْإِرْثِ وَهُمَا مُسْتَغْرِقَانِ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَهِيَ مُصَدِّقَةٌ لَهُ ضَارَبَتْ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ الدَّيْنِ مَعَ أَصْحَابِ الدُّيُونِ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ صَدَرَ مِمَّنْ عِبَارَتُهُ نَافِذَةٌ فِي سَبْعَةِ أَثْمَانٍ، فَعَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهَا كَعَمَلِ عِبَارَةِ الْحَائِزِ فِي الْكُلِّ. اهـ. .

فُرُوعٌ لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ مَثَلًا، وَآخَرُ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا وَصَدَّقَ الْوَارِثُ مُدَّعِيَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ صَدَّقَهُمَا مَعًا قُدِّمَ الدَّيْنُ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ أَقَرُّ الْمَرِيضُ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بِعَيْنٍ قُدِّمَ صَاحِبُهَا كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ لَا يَتَضَمَّنُ حَجْرًا فِي الْعَيْنِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا بِغَيْرِ تَبَرُّعٍ، وَلَوْ أَقَرَّ بِإِعْتَاقِ أَخِيهِ فِي الصِّحَّةِ عَتَقَ وَوَرِثَ إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ غَيْرُهُ أَوْ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتَرِكَتِهِ عَتَقَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَار إخْبَارٌ لَا تَبَرُّعٌ.

(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ) بِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] جَعَلَ الْإِكْرَاهَ مُسْقِطًا لِحُكْمِ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى مَا عَدَاهُ. وَصُورَةُ إقْرَارِهِ أَنْ يُضْرَبَ لِيُقِرَّ، فَلَوْ ضُرِبَ لِيُصَدَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>