للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الْوُضُوءُ، وَفِي قَوْلٍ يُؤَخِّرُ غَسْلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ تَعَهُّدُ مَعَاطِفَهُ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُخَلِّلُهُ، ثُمَّ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، وَيُدَلِّكُ وَيُثَلِّثُ، وَتُتْبِعُ لِحَيْضٍ أَثَرَهُ مِسْكًا، وَإِلَّا فَنَحْوَهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

أَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِ الْمَاءِ، وَيَتَأَكَّدُ فِي الْأُذُنِ فَيَأْخُذُ كَفًّا مِنْ مَاءٍ وَيَضَعُ الْأُذُنَ عَلَيْهِ بِرِفْقٍ لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَعَاطِفِهِ وَزَوَايَاهُ (ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُخَلِّلُهُ) أَيْ شَعْرَ رَأْسِهِ، وَكَذَا شَعْرُ لِحْيَتِهِ بِالْمَاءِ، وَلَيْسَتْ الْوَاوُ فِي عِبَارَتِهِ لِلتَّرْتِيبِ، فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ الْعَشْرَ فَيُشْرِبُ بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ، وَأَقْرَبَ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِ الْمَاءِ (ثُمَّ) يُفِيضُهُ عَلَى (شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طَهُورِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَدْلُكُ) مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ يَدُهُ مِنْ بَدَنِهِ احْتِيَاطًا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْآيَةَ وَالْأَحَادِيثَ لَيْسَ فِيهِمَا تَعَرُّضٌ لِوُجُوبِهِ (وَيُثَلِّثُ) تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَمَا فِي الْوُضُوءِ. وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُؤَدِّهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَتَعَهَّدَ مَا ذُكِرَ، ثُمَّ يَغْسِلَ رَأْسُهُ وَيَدْلُكَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ بَاقِي جَسَدِهِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَغْسِلَ وَيَدْلُكَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقَدَّمَ، ثُمَّ الْمُؤَخَّرَ، ثُمَّ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ مَرَّةً، ثُمَّ ثَانِيَةً، ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَمَا قِيلَ أَيْ مَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ الْمُتَّجَهَ إلْحَاقُهُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَنْتَقِلَ إلَى الْمُؤَخَّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدَّمِ رُدَّ بِسُهُولَةٍ مَا ذُكِرَ هُنَا عَلَى الْحَيِّ، بِخِلَافِهِ فِي الْمَيِّتِ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ، وَلَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ، فَإِنْ كَانَ جَارِيًا كَفَى فِي التَّثْلِيثِ أَنْ يُمِرَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَ جَرْيَاتٍ، لَكِنْ قَدْ يَفُوتُهُ الدَّلْكُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ غَالِبًا تَحْتَ الْمَاءِ إذْ رُبَّمَا يَضِيقُ نَفَسُهُ وَإِنْ كَانَ رَاكِدًا انْغَمَسَ فِيهِ ثَلَاثًا بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ وَيَنْقُلَ قَدَمَيْهِ، أَوْ يَنْتَقِلَ فِيهِ مِنْ مَقَامِهِ إلَى آخَرَ ثَلَاثًا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى انْفِصَالِ جُمْلَتِهِ وَلَا رَأْسِهِ كَمَا فِي التَّسْبِيعِ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ، فَإِنَّ حَرَكَتَهُ تَحْتَ الْمَاءِ كَجَرْيِ الْمَاءِ عَلَيْهِ (وَتُتْبِعُ) الْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُحْرِمَةِ وَالْمُحِدَّةِ (لِحَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ، وَلَوْ كَانَتْ خَلِيَّةً أَوْ بِكْرًا (أَثَرَهُ) أَيْ أَثَرَ الدَّمِ (مِسْكًا) فَتَجْعَلُهُ فِي قُطْنَةٍ وَتُدْخِلُهَا الْفَرْجَ بَعْدَ غَسْلِهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَثَرِ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ، وَيَجُوزُ كَسْرُ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانُ الثَّاءِ. وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْأَلُهُ عَنْ الْغُسْلِ عَنْ الْحَيْضِ، فَقَالَ: خُذِي فُرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا، فَقَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سُبْحَانَ اللَّهِ وَاسْتَتَرَ بِثَوْبِهِ: تَطَهَّرِي بِهَا، فَاجْتَذَبَتْهَا عَائِشَةُ فَعَرَّفَتْهَا أَنَّهَا تَتْبَعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ» (١) ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ بِلَا عُذْرٍ كَمَا فِي التَّنْقِيحِ. وَالْمِسْكُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ: الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ الْمَشْمُومَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَمِّيهِ أَطْيَبَ الطِّيبِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ بِأَنْ لَمْ تَجِدْهُ أَوْ لَمْ تَسْمَحْ بِهِ (فَنَحْوَهُ) مِمَّا فِيهِ حَرَارَةٌ كَالْقِسْطِ وَالْأَظْفَارِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ طِيبًا فَطِينًا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ كَفَى الْمَاءُ. أَمَّا الْمُحْرِمَةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الطِّيبُ بِأَنْوَاعِهِ، وَالْمُحِدَّةُ تَسْتَعْمِلُ قَلِيلَ أَظْفَارٍ أَوْ قِسْطٍ.

قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ: كُلُّ مَوْضِعٍ أَصَابَهُ الدَّمُ تَتْبَعُهُ بِالطِّيبِ. قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>