للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا، بَلْ لِلْمُعِيرِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ يَقْلَعَ وَيَضْمَنَ أَرْشَ النَّقْصِ، قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكَهُ بِقِيمَتِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُهُ إذَا قَلَعَ رَدُّ الْأَرْضِ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ كَمَا أَخَذَ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحَيْنِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَنَّ مَا فِي الْمُحَرَّرِ ضَعِيفٌ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنْ كَانَ الْكَلَامُ فِي حُفَرٍ حَصَلَتْ فِي مُدَّةِ الْعَارِيَّةِ، لِأَجْلِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَالْأَمْرُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِنْ كَانَ فِي حُفَرٍ حَصَلَتْ مِنْ الْقَلْعِ زَائِدَةً عَلَى مَا حَصَلَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَالرَّاجِحُ وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ، ثُمَّ قَالَ فَتَلَخَّصَ لِلْفَتْوَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَفْرِ لِأَجْلِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، وَبَيْنَ الْحَفْرِ لِلْقَلْعِ، وَهَذَا الْحَمْلُ مُتَعَيَّنٌ

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: إذَا كَانَتْ الْحُفَرُ الْحَاصِلَةُ فِي الْأَرْضِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى حَاجَةِ الْقَلْعِ لَزِمَهُ طَمُّ الزَّائِدِ قَطْعًا (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ (لَمْ يَقْلَعْ) أَيْ الْمُعِيرُ (مَجَّانًا) ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ فَهُوَ مُحْتَرَمٌ (بَلْ لِلْمُعِيرِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ) أَيْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ (أَوْ يَقْلَعَ وَيَضْمَنَ أَرْشَ النَّقْصِ) وَهُوَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكَهُ) ؛ أَيْ بَعْدُ وَلَا يُلْحَقُ بِالشَّفِيعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ: مُسْتَحِقِّ الْقَلْعِ حِينَ التَّمَلُّكِ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ، فَإِنَّ قِيمَتَهُ تَنْقُصُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّرَاضِي، وَتَخْيِيرُهُ بَيْنَ الثَّلَاثِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وِفَاقًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِمْ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الصُّلْحِ خِلَافًا لِمَا فِيهَا هُنَا مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرِ بِالْأَوَّلِ وَالثَّالِث. وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ وَبَيْنَ الْقَلْعِ مَعَ غَرَامَةِ الْأَرْشِ، دُونَ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ لَمْ يَذْكُرَاهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَجْهًا فَضْلًا عَنْ تَصْحِيحِهِ بَلْ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُمَا إلَّا مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ التَّنْبِيهِ، بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَمَا زَعَمَهُ الشَّيْخَانِ، بَلْ الْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثِ، وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى كَافَّةِ الْأَصْحَابِ.

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثِ إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ وَكَانَ الْمُعِيرُ غَيْرَ شَرِيكٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِلَّا، فَيَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ فِي الْأَوَّلِ وَالتَّبْقِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِي وَتَأْخِيرُ التَّخْيِيرِ إلَى بَعْدِ الْجَذَاذِ كَمَا فِي الزَّرْعِ فِي الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ الشَّرِيكُ فِي الثَّانِي بِالْأُجْرَةِ أَعْرَضَ الْحَاكِمُ عَنْهُمَا، وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُوقَفْ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، فَيَتَعَيَّنُ تَبْقِيَتُهُمَا بِالْأُجْرَةِ، وَالزَّرْكَشِيُّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>