وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ
وَلَوْ جَنَى الْمَغْصُوبُ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ غَرَّمَهُ الْمَالِكُ، وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَغْرِيمُهُ وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ رَدَّ الْعَبْدَ إلَى الْمَالِك فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ رَجَعَ الْمَالِكُ بِمَا
ــ
[مغني المحتاج]
الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ (وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ) قِيَاسًا عَلَى التَّعْيِيبِ الَّذِي لَا يَسْرِي وَفِي ثَالِثٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ تَبْقَى لَهُ هَرِيسَةٌ أَوْ الْعَصِيدَةُ لِلْغَاصِبِ؟ لِأَنَّا أَلْحَقْنَاهُ بِالْهَالِكِ، أَوْ لِلْمَالِكِ كَمَا لَوْ قَتَلَ شَاةً لِغَيْرِهِ يَكُونُ الْمَالِكُ أَحَقُّ بِجِلْدِهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا، كَمَا جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ الْأَوَّلُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجِلْدِ، بِأَنَّ الْمَالِيَّةَ هُنَا بَاقِيَةٌ بِخِلَافِ الشَّاةِ، وَمِثْلُ الشَّاةِ مَا لَوْ نَجَّسَ الزَّيْتَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ بَدَلَهُ وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِزَيْتِهِ.
تَنْبِيهٌ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّمْثِيلِ إلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا حَدَثَ النَّقْصُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ، فَلَوْ حَدَثَ فِي يَدِهِ، كَمَا لَوْ نَقَّصَ الطَّعَامَ بِنَفْسِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ. أَمَّا مَا لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَيَجِبُ أَرْشُهُ، كَمَا مَرَّ.
(وَلَوْ جَنَى) الرَّقِيقُ (الْمَغْصُوبُ) فِي يَدِ الْغَاصِبِ (فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) ابْتِدَاءً أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَعُفِيَ عَلَى مَالٍ (لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَدَثَ فِي يَدِهِ فَلَزِمَ تَخْلِيصُهُ (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ) الْوَاجِبِ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ هُوَ الْقِيمَةَ فَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَالَ فَهُوَ الَّذِي وَجَبَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَرْشُ الْعَيْبِ الَّذِي اتَّصَفَ بِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ صَارَ جَانِيًا عَلَى مَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ تَلِفَ) الرَّقِيقُ الْجَانِي (فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (غَرَّمَهُ الْمَالِكُ) أَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ (وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَغْرِيمُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ غَرَّمَهُ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ، (وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ) مِنْ الْغَاصِبِ بِقَدْرِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ الَّتِي حَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا (ثُمَّ) إذَا أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ (يَرْجِعُ الْمَالِكُ) بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ (عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ.
تَنْبِيهٌ مُقْتَضَى قَوْلِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ، أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِالْأَرْشِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُبَرِّئُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْغَاصِبَ، وَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ الرُّجُوعِ. نَعَمْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْأَدَاءِ كَمَا يُطَالِبُ بِهِ الضَّامِنُ الْمَضْمُونَ عَنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَلَوْ رَدَّ الْعَبْدَ) الْجَانِي (إلَى الْمَالِك فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ رَجَعَ الْمَالِكُ بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute