وَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِشَرِيكٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ إلَخْ، وَالثَّانِي: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِيمَا يَدُومُ، وَكُلٌّ مِنْ الضَّرَرَيْنِ حَاصِلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْهُمَا بِالْبَيْعِ لَهُ، فَإِذَا بَاعَ لِغَيْرِهِ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .
تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِإِمْكَانِ الْقِسْمَةِ: أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ دُونَ الْآلَات كَحَجَرِ الطَّاحُونِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ حَجَرَيْنِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالطَّاحُونَةِ فَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى الرَّحَى، وَهُمَا مُتَرَادِفَانِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ مَعْنَى عَدَلَ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ، وَفِي بِلَادِنَا أَنَّ الطَّاحُونَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَكَانَ وَالرَّحَى عَلَى الْحَجَرِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَجَرَ لَيْسَ الْمُرَادَ هُنَا فَإِنَّهُ مَنْقُولٌ، وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ فِيهِ تَبَعًا لِلْمَكَانِ، فَالْمُرَادُ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِلطَّحْنِ اهـ.
قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: فَتَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ أَوْلَى، وَيَثْبُتُ لِمَالِكِ عُشْرِ الدَّارِ الصَّغِيرَةِ إنْ بَاعَ مَالِكُ تِسْعَةِ الْأَعْشَارِ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ مِنْ مَالِكِ الْعُشْرِ الْقِسْمَةَ أُجْبِرَ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ مَالِكُ الْعُشْرِ نَصِيبَهُ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَثْبُتُ لِلْآخَرِ لِأَمْنِهِ مِنْ الْقَسْمِ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا فَلَا يُجَابُ طَالِبُهَا لِتَعَنُّتِهِ، وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ أَرْضٍ تَنْقَسِمُ وَفِيهَا بِئْرُ مَاءٍ لَا تَنْقَسِمُ، وَيُسْقَى مِنْهَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الْبِئْرِ، بِخِلَافِ الشَّجَرِ الثَّابِتِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي مَحِلِّ الشُّفْعَةِ وَالْبِئْرُ مُبَايِنَةٌ عَنْهُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ الثَّانِي، وَهُوَ الْأَخْذُ، فَقَالَ: (وَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِشَرِيكٍ) فِي رَقَبَةِ الْعَقَارِ فَلَا تَثْبُتُ لِلْجَارِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْمَارِّ، وَلَا لِلشَّرِيكِ فِي غَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute