فِي مَمَرِّهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا، وَالصَّحِيحُ ثُبُوتُهَا فِي الْمَمَرِّ إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ آخَرُ إلَى الدَّارِ، أَوْ أَمْكَنَ فَتْحُ بَابٍ إلَى شَارِعٍ وَإِلَّا فَلَا.
وَإِنَّمَا تَثْبُتُ فِيمَا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ
ــ
[مغني المحتاج]
فِي مَمَرِّهَا) فَقَطْ التَّابِعِ لَهَا، فَإِنْ كَانَ دَرْبًا غَيْرَ نَافِذٍ (فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا) لِانْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا غَيْرَ مُشْتَرَكٍ وَشِقْصًا مُشْتَرَكًا (وَالصَّحِيحُ ثُبُوتُهَا فِي الْمَمَرِّ) بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ آخَرُ إلَى الدَّارِ أَوْ أَمْكَنَ فَتْحُ بَابٍ) لَهَا (إلَى شَارِعٍ) أَوْ إلَى مِلْكِهِ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَإِنْ احْتَاجَ إحْدَاثُ الْمَمَرِّ إلَى مُؤْنَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، (فَلَا) تَثْبُتُ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُشْتَرِي، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَالثَّانِي: تَثْبُتُ فِيهِ وَالْمُشْتَرِي هُوَ الْمُضِرُّ بِنَفْسِهِ بِشِرَائِهِ هَذِهِ الدَّارَ، وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ فِي اتِّخَاذِ الْمَمَرِّ عُسْرٌ أَوْ مُؤَنٌ لَهَا وَقَعَ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا ظَاهِرًا.
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَتَّسِعْ الْمَمَرُّ، فَإِنْ اتَّسَعَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُتْرَكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ شَيْءٌ يَمُرُّ فِيهِ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الْبَاقِي قَطْعًا، وَفِي الْمِقْدَارِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى الْمُرُورُ بِدُونِهِ الْخِلَافُ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَمَّا الدَّرْبُ النَّافِذُ فَغَيْرُ مَمْلُوكٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي مَمَرِّ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مِنْهُ قَطْعًا، وَلَوْ بَاعَ نَصِيبًا يُقْسَمُ مِنْ مَمَرٍّ؛ لَا يَنْفُذُ فَلِأَهْلِهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِيهِ، وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَمَرِّ خَاصَّةً، فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ لِلشَّرِيكِ الشُّفْعَةَ إنْ كَانَ مُنْقَسِمًا. فَإِنْ قِيلَ الْمَمَرُّ مِنْ حَرِيمِ الدَّارِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَقَاءِ الدَّارِ بِلَا مَمَرٍّ فَهُوَ كَمَنْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ مِنْهَا بَيْتًا، وَالْأَصَحُّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ بُطْلَانُهُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الدَّارَ مُتَّصِلَةٌ بِمِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ، وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ لَهُ دَارٌ لَا مَمَرَّ لَهَا نَصِيبَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي مَمَرٍّ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْمُشْتَرِي تَحْصِيلَ مَمَرٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْمَمَرَّ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ، وَالشَّرِكَةُ فِي صَحْنِ الْخَانِ دُونَ بُيُوتِهِ، وَفِي مَجْرَى الْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ، وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ فِيمَا مَرَّ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ الثَّالِث، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ، وَقَالَ (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ (فِيمَا مُلِكَ) أَيْ فِي شَيْءٍ مَلَكَهُ الشَّرِيكُ الْحَادِثُ (بِمُعَاوَضَةٍ) مَحْضَةٍ كَالْبَيْعِ، أَوْ غَيْرِ مَحْضَةٍ كَالْمَهْرِ. أَمَّا الْبَيْعُ فَبِالنَّصِّ، وَالْبَاقِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمُعَاوَضَةِ مَعَ لُحُوقِ الضَّرَرِ، فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيمَا مُلِكَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ وَوَصِيَّةٍ وَفَسْخٍ. أَمَّا الْمَمْلُوكُ بِالْإِرْثِ، فَلِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ فَلَمْ يَضُرَّ بِالشَّرِيكِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَلَّا يُدْخِلَ عَلَى الشَّرِيكِ ضَرَرًا، فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ تَسَلَّطَ الشَّرِيكُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute