وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَشْرِطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَعْمَالِهَا.
وَأَنْ يَنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ
ــ
[مغني المحتاج]
لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا. وَاسْتَشْكَلَ السُّبْكِيُّ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ بِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ يَجِبُ كَوْنُهُ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. قَالَ: وَالْخَلَاصُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ: سَاقَيْتُك عَلَى نَصِيبِي، حَتَّى لَا يَكُونَ الْعَمَلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَاقِعًا فِي الْمُشْتَرَكِ، وَبِهَذَا صَوَّرَ أَبُو الطَّيِّبِ الْمَسْأَلَةَ تَبَعًا لِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُزَنِيِّ، لَكِنَّ كَلَامَ غَيْرِهِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْكِتَابِ. اهـ.
وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى كُلِّ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ قَالَ: سَاقَيْتُك عَلَى نَصِيبِي أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: صِحَّةُ مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ، وَلَوْ سَاقَى الشَّرِيكَانِ ثَالِثًا لَمْ يُشْتَرَطْ مَعْرِفَتُهُ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا إنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ، فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
(وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ (أَنْ لَا يَشْرِطَ) الْمَالِكُ فِي عَقْدِهَا (عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَعْمَالِهَا) الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ الْعَامِلِ بِهَا كَحَفْرِ بِئْرٍ، فَإِنْ شَرَطَهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ وَاشْتِرَاطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ.
تَنْبِيهٌ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيَانَ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ لِيَعْرِفَ أَنَّ شَرْطَ غَيْرِهَا مُفْسِدٌ، كَمَا جَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ، حَيْثُ قَالَ فِيهِ: وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ كَذَا. ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ قَارَضَهُ لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً إلَخْ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَى الْمَالِكِ فِي الْعَقْدِ مَا عَلَى الْعَامِلِ، كَذَا قَالَاهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ السَّقْيَ عَلَى الْمَالِكِ أَنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ، وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْعَمَلُ، فَقَالَ: (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَنْفَرِدَ) الْعَامِلُ (بِالْعَمَلِ) ، فَلَوْ شَرَطَ عَمَلَ الْمَالِكِ مَعَهُ فَسَدَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَا عَمَلَ غُلَامِ الْمَالِكِ مَعَهُ بِلَا شَرْطِ يَدٍ وَلَا مُشَارَكَةٍ فِي تَدْبِيرٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ الْوَصْفِ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَإِنْ شُرِطَتْ فِي الثَّمَرَةِ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ جُزْءٍ مَعْلُومٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مَا يَبْقَى يَكُونُ مَجْهُولًا، أَوْ شُرِطَتْ عَلَى الْعَامِلِ وَقُدِّرَتْ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَلْزَمَهُ مُؤْنَةُ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ، وَهُوَ كَاسْتِئْجَارِ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ، وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ صَحَّ أَيْضًا، وَالْعُرْفُ كَافٍ؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَإِنْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَمَلَ الْغُلَامِ فِي حَوَائِجِ نَفْسِهِ، أَوْ اسْتِئْجَارِ مُعَاوِنٍ لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ مَالِ الْمَالِكِ - لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمُسَاقَاةِ أَنْ تَكُونَ الْأَعْمَالُ وَمُؤَنُهَا عَلَى الْعَامِلِ. أَمَّا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute