للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فِي الْأَصَحِّ.

وَيَجُوزُ تَأْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَأَلْزَمْتُ ذِمَّتَك الْحَمْلَ إلَى مَكَّةَ أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا.

ــ

[مغني المحتاج]

الْمُسْتَأْجِرِ تَمْلِكُ مَنَافِعَ نَفْسِهَا، وَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهَا إجَارَةَ عَيْنٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ (لِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِمَّا لَا يُؤَدِّي لِخَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ (بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ أَوْقَاتَهَا مُسْتَغْرِقَةٌ بِحَقِّهِ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ غَيْرُ مَحَلِّ النِّكَاحِ، إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي لَبَنِهَا وَخِدْمَتِهَا؛ لَكِنْ لَهُ فَسْخُهَا حِفْظًا لِحَقِّهِ.

تَنْبِيهٌ اسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً، أَوْ كَانَ طِفْلًا فَأَجَرَتْ نَفْسَهَا لِعَمَلٍ تَعْمَلُهُ فِي مَنْزِلِهِ بِحَيْثُ تَظُنُّ فَرَاغَهَا مِنْهُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ: إنَّ هَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلزَّوْجِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَنَافِعَ، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ أَنْ يَنْتَفِعَ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ. وَخَرَجَ بِالْحُرَّةِ الْأَمَةُ فَإِنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُؤَجِّرَهَا نَهَارًا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا. نَعَمْ الْمُكَاتَبَةُ كَالْحُرَّةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذْ لَا سَلْطَنَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا، وَالْعَتِيقَةُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَبَدًا لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ فِي إيجَارِهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْكُوحَةُ لَهُ، فَيَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُهَا وَلَوْ لِوَلَدِهِ مِنْهَا، وَبِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةَ الْعَيْنِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا قَطْعًا. فَإِنْ قِيلَ قَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِاسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ، وَقَدْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى أَعْيُنِهِمْ لِلْعَكْمِ فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُزَاحَمَةَ بَيْنَ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَالْعَكْمِ إذْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْعَكْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُ الْأَزْمِنَةَ. وَبِإِجَارَتِهَا إجَارَةَ عَيْنٍ مَا لَوْ الْتَزَمَتْ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهَا، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الزَّوْجُ، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَوْ أَذِنَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ، وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِهَا مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْ وَطْئِهَا فِي أَوْقَاتِ فَرَاغِهَا خَوْفَ الْحَبَلِ وَانْقِطَاعِ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. فَإِنْ قِيلَ: قِيَاسُ مَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قَالَ بِهِ الرُّويَانِيُّ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ الرَّاهِنَ يَمْلِكُ مَنَافِعَ الْأَمَةِ، وَقَدْ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّهْنِ، وَلَا كَذَلِكَ الزَّوْجُ.

(وَيَجُوزُ تَأْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ) إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. فَإِنْ أَطْلَقَ كَانَ حَالًّا. وَقَوْلُهُ: (كَأَلْزَمْتُ ذِمَّتَك الْحَمْلَ) لِكَذَا (إلَى مَكَّةَ) مَثَلًا (أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا) تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَأْجِيلٌ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>