وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْعُقَبِ فِي الْأَصَحِّ، وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً رَجُلًا لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ أَوْ رَجُلَيْنِ لِيَرْكَبَ هَذَا أَيَّامًا، وَذَا أَيَّامًا وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ.
ــ
[مغني المحتاج]
أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ سَنَةً فِي عَقْدٍ، ثُمَّ سَنَةً فِي عَقْدٍ آخَرَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ لَا يَصِحُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنْ بَحَثَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ الصِّحَّةَ، وَلَوْ أَجَّرَ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ - صَحَّتْ الْإِقَالَةُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَمْ تَنْفَسِخْ الثَّانِيَةُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُخَالِفُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ بِانْقِطَاعِ عُلْقَتِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ أَجَرَهُ حَانُوتًا أَوْ نَحْوَهُ، مِمَّا يَسْتَمِرُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَادَةً أَيَّامَ شَهْرٍ لَا لَيَالِيِهِ أَوْ عَكَسَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ زَمَانَ الِانْتِفَاعِ لَمْ يَتَّصِلْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلْإِجَارَةِ يُرَفَّهَانِ فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِ الْعَمَلَ دَائِمًا، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْعُقَبِ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ جَمْعُ عُقْبَةٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهِيَ النَّوْبَةُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَعْقُبُ صَاحِبَهُ وَيَرْكَبُ مَوْضِعَهُ (وَهُوَ) أَيْ كِرَاءُ الْعُقَبِ فِي (أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً رَجُلًا) مَثَلًا (لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ) يَعْنِي كَنِصْفِهِ أَوْ رُبْعِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَالْمُؤَجِّرُ الْبَعْضَ الْآخَرَ تَنَاوُبًا مَعَ عَدَمِ شَرْطِ الْبُدَاءَةِ بِالْمُؤَجِّرِ، سَوَاءٌ أَشَرَطَاهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَمْ أَطْلَقَا أَوْ قَالَا لِيَرْكَبْ أَحَدُنَا، وَسَوَاءٌ وَرَدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ الذِّمَّةِ لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ حَالًا، وَالتَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ. أَمَّا إذَا اشْتَرَطَا أَنْ يَرْكَبَهَا الْمُؤَجِّرُ أَوَّلًا فَإِنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِتَأْخِيرِ حَقِّ الْمُكْتَرِي وَتَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِالْمُسْتَقْبَلِ، (أَوْ) يُؤَجِّرَهَا (رَجُلَيْنِ) مَثَلًا (لِيَرْكَبَ هَذَا أَيَّامًا) مَعْلُومَةً (وَذَا أَيَّامًا) كَذَلِكَ تَنَاوُبًا، (وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ) فِي الصُّورَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَادَةٌ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَادَةً مَضْبُوطَةً بِزَمَانٍ أَوْ مَسَافَةٍ اُتُّبِعَتْ، (ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ) أَيْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي فِي الْأُولَى، وَالْمُكْتَرِيَانِ فِي الثَّانِيَةِ: الرُّكُوبَ بِالتَّرَاضِي عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَوْ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ أُقْرِعَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا الْمَنْعُ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةُ أَزْمَانٍ مُنْقَطِعَةٌ.
وَالثَّانِي: تَصِحُّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِاتِّصَالِ زَمَنِ الْإِجَارَةِ فِيهَا دُونَ الْأُولَى. وَالثَّالِثُ: تَصِحُّ فِيهِمَا إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا تَصِحُّ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ: أَيَّامًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ جَوَازُ كَوْنِ النَّوْبَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ، وَهَذَا قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا طَلَبُ الرُّكُوبِ ثَلَاثًا وَالْمَشْيَ ثَلَاثًا لِلْمَشَقَّةِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُشَارِطَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْأَمْرِ عَلَى يَوْمٍ وَنَحْوِهِ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ ثَلَاثٍ. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: كَلَامُ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute