وَفِي الْبِنَاءِ يُبَيِّنُ الْمَوْضِعَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالسَّمْكَ وَمَا يُبْنَى بِهِ
ــ
[مغني المحتاج]
أَوْ سُورَةٍ أَوْ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا لِلتَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمَا يَقَعُ الْعَقْدُ عَلَى تَعْلِيمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ وَكَّلَا مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يَفْتَحَ الْمُصْحَفَ وَيَقُولَ تُعَلِّمُنِي مِنْ هُنَا إلَى هُنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ مَعْرِفَةَ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِسُهُولَةٍ أَوْ صُعُوبَةٍ.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ قِرَاءَةَ نَافِعٍ وَنَحْوِهِ إذْ الْأَمْرُ فِيهَا قَرِيبٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ مَا شَاءَ مِنْ الْقِرَاءَاتِ. لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى ذَلِكَ: يُعَلِّمُهُ الْأَغْلَبَ مِنْ قِرَاءَةِ الْبَلَدِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا دَرَاهِمَ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ غَالِبُ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَغْلَبُ عَلَّمَهُ مَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا أَوْجَهُ، فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ قِرَاءَةً تَعَيَّنَتْ، فَإِنْ أَقْرَأَهُ غَيْرَهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُتَعَلِّمِ وَلَا اخْتِبَارُ حِفْظِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُسَابَقَةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ حَالِ الْفَرَسِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ، فَلَوْ وَجَدَ ذِهْنَهُ فِي الْحِفْظِ خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةَ، وَلَوْ كَانَ يَنْسَى فَهَلْ عَلَى الْأَجِيرِ إعَادَةُ تَعْلِيمِهِ أَوْ لَا؟ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ غَالِبٌ فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا اعْتِبَارُ مَا دُونَ الْآيَةِ، فَإِذَا عَلَّمَهُ بَعْضَهَا فَنَسِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ بَاقِيهَا لَزِمَ الْأَجِيرَ إعَادَةُ تَعْلِيمِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْرَأُ فِيهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ يُرْجَى إسْلَامُهُ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ لَمْ يُعَلَّمْ كَمَا لَا يُبَاعُ الْمُصْحَفُ مِنْ الْكَافِرِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْقِيَاسِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُصْحَفِ مِنْ الْكَافِرِ إذَا رُجِيَ إسْلَامُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا.
فَرْعٌ الْإِجَارَةُ لِلْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ قَدْرًا مَعْلُومًا جَائِزَةٌ لِلِانْتِفَاعِ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ حَيْثُ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَالْحَيِّ الْحَاضِرِ، سَوَاءٌ أَعْقَبَ الْقُرْآنَ بِالدُّعَاءِ أَمْ جَعَلَ أَجْرَ قِرَاءَتِهِ لَهُ أَمْ لَا، فَتَعُودُ مَنْفَعَةُ الْقُرْآنِ إلَى الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلْحَقُهُ وَهُوَ بَعْدَهَا أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَأَكْثَرُ بَرَكَةً؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ أُجْرَةَ الْحَاصِلِ بِقِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ فَهُوَ دُعَاءٌ بِحُصُولِ الْأَجْرِ لَهُ فَيَنْتَفِعُ بِهِ، فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَحْصُلُ لَهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
(وَفِي الْبِنَاءِ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ لَهُ عَلَى أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا كَسَقْفٍ (يُبَيِّنُ الْمَوْضِعَ) لِلْجِدَارِ، (وَالطُّولَ) وَهُوَ الِامْتِدَادُ مِنْ إحْدَى الزَّاوِيَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى، (وَالْعَرْضَ) وَهُوَ مَا بَيْنَ وَجْهَيْ الْجِدَارِ، (وَالسَّمْكَ) وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ بِخَطِّهِ: الِارْتِفَاعُ، (وَ) يُبَيِّنُ أَيْضًا (مَا يُبْنَى بِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute