وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ، وَلَوْ آجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا، أَوْ الْوَلِيُّ صَبِيًّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ لَا الصَّبِيِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
بِقِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا بِمَا بَعْدَهُ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. وَالثَّانِي: يَنْفَسِخُ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ، وَقَدْ انْفَسَخَ فِي الْبَعْضِ فَلْيَنْفَسِخْ فِي الْبَاقِي، أَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا أُحْضِرَا وَمَاتَا فِي خِلَالِ الْمُدَّةِ أُبْدِلَا كَمَا مَرَّ، (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ وَلَوْ ذِمَّةً كَمَا فِي الْبَسِيطِ (بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا، بَلْ تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ فَلَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ كَالْبَيْعِ، وَيَخْلُفُ الْمُسْتَأْجِرَ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ الْعَقْدِ لَا لِأَنَّهُ عَاقِدٌ، فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ. لَكِنْ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَسَائِلُ:
مِنْهَا مَا لَوْ آجَرَ عَبْدَهُ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ مَعَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. وَمِنْهَا مَا لَوْ آجَرَ أَمَّ وَلَدِهِ وَمَاتَ فِي الْمُدَّةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ. وَمِنْهَا الْمُدَبَّرُ فَإِنَّهُ كَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. وَمِنْهَا مَوْتُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي. وَمِنْهَا الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ دَارٍ مَثَلًا مُدَّةَ عُمْرِهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنْفَعَةِ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ؛ كَمَا سَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْوَصِيَّةِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِالدَّارِ لَا بِمَنْفَعَتِهَا كَمَا هُنَا، وَرَدَّ بَعْضُهُمْ اسْتِثْنَاءَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الِانْفِسَاخَ لَيْسَ لِمَوْتِ الْعَاقِدِ بَلْ لِانْتِهَاءِ حَقِّهِ بِالْمَوْتِ، وَلَيْسَ الرَّدُّ بِظَاهِرٍ. (وَ) لَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا بِمَوْتِ (مُتَوَلِّي) أَيْ نَاظِرِ (الْوَقْفِ) مِنْ حَاكِمٍ أَوْ مَنْصُوبِهِ أَوْ مَنْ شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ عَلَى جَمِيعِ الْبُطُونِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِلْوَقْفِ وَأُجِرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، فَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، (وَلَوْ آجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْعَيْنُ الْمَوْقُوفَةُ (مُدَّةً وَمَاتَ) الْبَطْنُ الْمُؤَجِّرُ (قَبْلَ تَمَامِهَا) وَشَرَطَ الْوَاقِفُ لِكُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ النَّظَرَ فِي حِصَّتِهِ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ فَقَطْ، (أَوْ الْوَلِيُّ صَبِيًّا) أَوْ مَالَهُ (مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا) الصَّبِيُّ (بِالسِّنِّ فَبَلَغَ) فِيهَا (بِالِاحْتِلَامِ) وَهُوَ رَشِيدٌ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا) فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ (فِي الْوَقْفِ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْرِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ (لَا) فِي (الصَّبِيِّ) فَلَا تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ بُنِيَ تَصَرُّفُهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ. وَالثَّانِي: لَا تَنْفَسِخُ فِي الْوَقْفِ كَالْمِلْكِ وَتَنْفَسِخُ فِي الصَّبِيِّ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute