أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا قَدْرَ النَّفَقَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُكْتَرِي فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ.
وَمَتَى قَبَضَ الْمُكْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ الدَّارَ وَأَمْسَكَهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْقَاضِي إنْ لَمْ يَجِدْ مَالًا يَقْتَرِضُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ قَدْرَ النَّفَقَةِ) عَلَيْهَا وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْجِمَالِ الْمَتْرُوكَةِ زِيَادَةٌ عَلَى حَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ، بَلْ يَبِيعُ الْفَاضِلَ عَنْ الْحَاجَةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: مِنْهَا إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ جَمِيعِهَا خَشْيَةَ أَنْ تَأْكُلَ أَثْمَانَهَا، وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِهَا وَيَكْتَرِي لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ثَمَنِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الْغَائِبِ لِلْمَصْلَحَةِ، (وَلَوْ أَذِنَ) الْقَاضِي (لِلْمُكْتَرِي فِي الْإِنْفَاقِ) عَلَى الْجِمَالِ وَمُتَعَهِّدِهَا (مِنْ مَالِهِ) أَوْ مَالِ غَيْرِهِ (لِيَرْجِعَ) بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَقَدْ لَا يَجِدُ الْقَاضِي مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لَا يَرَاهُ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ وَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَتَى أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ لَمْ يَرْجِعْ، وَمَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ عَسِرَ إثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ، فَأَنْفَقَ وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ وَيَحْفَظُهَا الْقَاضِي بَعْدَ الْمُدَّةِ أَوْ يَبِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا اقْتَرَضَ، وَإِنْ خَشِيَ أَنْ تَأْكُلَ نَفْسَهَا لَوْ بَاعَ بَعْضَهَا بَاعَ الْكُلَّ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ إذَا ادَّعَى نَفَقَةَ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: أَوَّلًا وَتَرَكَهَا عَمَّا لَوْ أَخَذَهَا الْجَمَّالُ مَعَهُ. وَحُكْمُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ وَاكْتَرَى، فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا إذَا نَدَّتْ الدَّابَّةُ.
(وَمَتَى قَبَضَ الْمُكْتَرِي) الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ (الدَّابَّةَ أَوْ الدَّارَ) أَوْ غَيْرَهُمَا فِي إجَارَةِ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ (وَأَمْسَكَهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ) عَلَيْهِ، (وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْبَدَلُ كَالْمَبِيعِ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَسَوَاءٌ أَتَرَكَ الِانْتِفَاعَ اخْتِيَارًا أَمْ لِعُذْرٍ كَخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ لِعَدَمِ الرُّفْقَةِ؟ مَعَ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ ضَمِنَهَا، وَلَيْسَ لَهُ فَسْخٌ وَلَا إلْزَامُ الْمُكْرِي بِاسْتِرْدَادِ الدَّابَّةِ إلَى تَيَسُّرِ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَافَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute