للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَحْفُورَةُ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ فِي مِلْكٍ يَمْلِكُ مَاءَهَا فِي الْأَصَحِّ، وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ لِزَرْعٍ، وَيَجِبُ لِمَاشِيَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ.

ــ

[مغني المحتاج]

بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ قَالَا وَلَوْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ سَدَّهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمَاشِيَةِ بِظُهُورِ مَائِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ إبْطَالُهُ.

(وَ) الْبِئْرُ (الْمَحْفُورَةُ) فِي الْمَوَاتِ لَا لِلْمَارَّةِ بَلْ (لِلتَّمَلُّكِ أَوْ فِي مِلْكٍ يَمْلِكُ) الْحَافِرُ (مَاءَهَا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ كَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالشَّجَرِ النَّابِتِ فِي مِلْكِهِ. وَالثَّانِي: لَا يَمْلِكُهُ لِخَبَرِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ» السَّابِقِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ كَمَا قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي كُلِّ مَا يَنْبُعُ فِي مِلْكِهِ مِنْ نِفْطٍ وَقِيرٍ وَمِلْحٍ وَنَحْوِهَا (وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ) عَلَى الصَّحِيحِ (أَمْ لَا) عَلَى مُقَابِلِهِ (لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ لِزَرْعٍ) وَشَجَرٍ (وَيَجِبُ) بَذْلُ الْفَاضِلِ مِنْهُ عَنْ شُرْبِهِ لِشُرْبِ غَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَعَنْ مَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ لِغَيْرِهِ (لِمَاشِيَةٍ) وَلَوْ أَقَامَ غَيْرُهُ ثَمَّ. وَقَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِلزَّرْعِ وَإِلَى الْوُجُوبِ لِلْمَاشِيَةِ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا، وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَاشِيَةَ إنَّمَا تَرْعَى بِقُرْبِ الْمَاءِ فَإِذَا مَنَعَ مِنْ الْمَاءِ فَقَدْ مَنَعَ مِنْ الْكَلَأِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَاشِيَةِ هُنَا الْحَيَوَانَاتُ الْمُحْتَرَمَةُ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْحَاجَةَ، وَقَيَّدَهَا الْمَاوَرْدِيُّ بِالنَّاجِزَةِ. قَالَ: فَلَوْ فَضَلَ عَنْهُ الْآنَ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ فِي ثَانِي الْحَالِ وَجَبَ بَذْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ، هَذَا إنْ كَانَ هُنَاكَ كَلَأٌ مُبَاحٌ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً مَبْذُولًا لَهُ وَلَمْ يُحْرِزْهُ فِي إنَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَذْلُهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ بَذْلُهُ لِلْمَاشِيَةِ دُونَ الزَّرْعِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَقِيلَ: يَجِبُ لِلزَّرْعِ كَالْمَاشِيَةِ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ لِلْمَاشِيَةِ كَالْمَاءِ الْمُحْرَزِ، وَلَا يَجِبُ بَذْلُ فَضْلِ الْكَلَأِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَخْلَفُ فِي الْحَالِ وَيُتَمَوَّلُ فِي الْعَادَةِ، وَزَمَنُ رَعْيِهِ يَطُولُ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَحَيْثُ لَزِمَهُ بَذْلُ الْمَاءِ لِلْمَاشِيَةِ لَزِمَهُ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ وُرُودِ الْبِئْرِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ، فَإِنْ ضَرَّ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَمْكِينُهَا وَجَازَ لِلرُّعَاةِ اسْتِقَاءُ الْمَاءِ لَهَا، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْحَافِ، وَحَيْثُ وَجَبَ الْبَذْلُ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِ وَإِنْ صَحَّ بَيْعُ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَذْلُ إعَارَةُ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ. وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمَاءِ التَّقْدِيرُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا بِرَيِّ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَازِ الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ السِّقَاءِ بِعِوَضٍ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي شُرْبِ الْآدَمِيِّ أَهْوَنُ مِنْهُ فِي شُرْبِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>