أَوْ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ كَوَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ رَجُلٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ، فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ.
وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَقَفْت فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ.
وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْت.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ تَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ لِمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ نَاقِصٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ مَا قَدَّرْتُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، وَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
(أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ (مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ (كَوَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ) عَلَى (رَجُلٍ) مُبْهَمٍ (ثُمَّ) (الْفُقَرَاءِ، فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ) لِوُجُودِ الْمَصْرِفِ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ، وَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ لِمَا ذُكِرَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ بَعْدَ أَوْلَادِهِ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَمَدِ الِانْقِطَاعِ، فَإِنْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ أَيْضًا، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُصْرَفُ بَعْدَ أَوْلَادِهِ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ مِثْلَ مَا مَرَّ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ، وَالشَّارِحُ جَعَلَ صُورَةَ الْمَتْنِ كَهَذِهِ الصُّورَةِ وَتَبِعَهُ كَثِيرٌ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ غَيْرَ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الشَّرْطِ الثَّانِي وَهُوَ بَيَانُ الْمَصْرِفِ، فَقَالَ: (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (وَقَفْت) كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفَهُ (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) لِعَدَمِ ذِكْرِ مَصْرِفِهِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ لِلْمَسَاكِينِ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ كَمَا يَقُولُ بِهِ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ: وَقَفْت هَذَا لِلَّهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لِلْمَسَاكِينِ فَحَمَلَ الْإِطْلَاقَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ، وَبِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ فَتَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَالنَّجَسِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْمَصْرِفَ وَاعْتَرَفَ بِهِ صَحَّ ظَاهِرًا وَنَازَعَهُ الْغَزِّيُّ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَّقْت وَنَوَى امْرَأَتَهُ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَصِحُّ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، وَلَيْسَ هُنَا لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْرِفِ أَصْلًا اهـ.
وَهَذَا أَظْهَرُ، وَلَوْ بَيَّنَ الْمَصْرِفَ إجْمَالًا كَقَوْلِهِ: وَقَفْت هَذَا عَلَى مَسْجِدِ كَذَا؛ كَفَى وَصُرِفَ إلَى مَصَالِحِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ قَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْجِهَةَ فَيَقُولُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَنَحْوِهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ، وَهُوَ التَّنْجِيزُ فَقَالَ (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْت) كَذَا عَلَى كَذَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ، فَلَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ. أَمَّا مَا يُضَاهِيهِ كَجَعَلْتُهُ مَسْجِدًا إذَا