للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

..

....

....

....

..

ــ

[مغني المحتاج]

بِحَضْرَتِهِ. وَصِلَةُ الْقَرَابَةِ، وَهِيَ فِعْلُكَ مَعَ قَرِيبِكَ مَا تُعَدُّ بِهِ وَاصِلًا مَأْمُورٌ بِهَا وَتَحْصُلُ بِالْمَالِ وَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالزِّيَارَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ بِالسَّلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ وَفَاءِ الْعَهْدِ كَمَا يَتَأَكَّدُ كَرَاهَةُ إخْلَافِهِ.

وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا وَهَبَهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: لَوْ طَلَبَ إنْسَانٌ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَهَبَهُ مَالًا فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ فَاسْتَحْيَا مِنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ فِي خَلْوَةٍ مَا أَعْطَاهُ لَهُ فَوَهَبَهُ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ كَالْمُصَادَرِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ أَوْ سِعَايَتِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْكُلُ مِنْ هَدِيَّةٍ حَتَّى يَأْمُرَ صَاحِبَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا لِلشَّاةِ الَّتِي أُهْدِيَتْ إلَيْهِ يَعْنِي الْمَسْمُومَةَ بِخَيْبَرَ» وَهَذَا أَصْلٌ لِمَا يَفْعَلُهُ الْمُلُوكُ فِي ذَلِكَ وَيَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ، أَوْ أَنَّ الْعِصْمَةَ لَا تُنَافِي تَعَاطِي الْأَسْبَابِ، كَمَا أَنَّ إخْبَارَهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ يُظْهِرُهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ لَا يُنَافِي جِهَادَهُ وَأَمْرَهُ بِالْقِتَالِ، فَمِنْ تَمَامِ التَّوَكُّلِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ سُلُوكُ الْأَسْبَابِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى رَبِّ الْأَرْبَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>