للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ تَمَلَّكَ فَظَهَرَ الْمَالِكُ وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا فَذَاكَ، وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَمَلُّكُهَا لِلْفَقِيرِ خَشْيَةَ ضَيَاعِهَا عِنْدَ طَلَبِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ التَّمَلُّكِ مَسَائِلُ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّمَلُّكُ. مِنْهَا الْجَارِيَةُ الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُلْتَقِطِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِقْرَاضُهَا عَلَى الرَّاجِحِ، فَعَلَى هَذَا تُلْتَقَطُ لِلْحِفْظِ فَقَطْ، وَفِي تَعْرِيفِهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ تُعَرَّفَ، وَبَعْدَ الْحَوْلِ تُبَاعُ وَيَتَمَلَّكُ ثَمَنَهَا كَمَا لَوْ الْتَقَطَ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ وَيَتَمَلَّكُ ثَمَنَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ. .

أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتْبَعُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةَ الْمَالِكِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِي بَيْعِ الْأَمَةِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى الْحَاكِمِ وَتَرَكَ التَّعْرِيفَ وَالتَّمَلُّكَ ثُمَّ نَدِمَ، وَأَرَادَ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَالَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ أُخِذَ لِلْخِيَانَةِ كَمَا مَرَّ. وَمِنْهَا لُقَطَةُ الْحَرَمِ كَمَا سَيَأْتِي.

(فَإِنْ تَمَلَّكَ) الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) لَهَا، وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ يَمْنَعُ بَيْعَهَا كَمَا فِي الْقَرْضِ (وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا) أَوْ بَدَلَهَا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ، إذْ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا. وَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ رَدُّهَا إلَى مَالِكِهَا إذَا عَلِمَهُ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ قَبْلَ طَلَبِهِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ. أَمَّا إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى مَالِكِهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا.

أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) كَالْقَرْضِ بَلْ أَوْلَى، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إلَيْهِ» . وَالثَّانِي: يُجَابُ الْمُلْتَقِطُ، لِأَنَّهُ مَلَكَهَا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْقَرْضِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ جَاءَ الْمَالِكُ، وَقَدْ بِيعَتْ اللُّقَطَةُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ كَانَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بَاقِيًا كَانَ لَهُ الْفَسْخُ، وَأَخَذَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِاسْتِحْقَاقِهِ الرُّجُوعَ لَعَيْنِ مَالِهِ مَعَ بَقَائِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَالْبَائِعِ، وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ رَهْنٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَإِذَا رَدَّهَا الْمُلْتَقِطُ سَلِيمَةً أَوْ مَعِيبَةً مَعَ الْأَرْشِ لَزِمَ الْمَالِكَ الْقَبُولُ، وَيَتَعَيَّنُ رَدُّهَا بِالزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ، وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ، بَلْ لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ انْفَصَلَتْ رَدَّهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ الْتَقَطَ حَائِلًا فَحَمَلَتْ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ رَدَّ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ. أَمَّا الزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، فَهِيَ لِلْمُلْتَقِطِ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ رَقِيقًا أَنَّهُ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَظِيرُ مَا فِي التَّفْرِيقِ بِالْفَسْخِ، وَتَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ، وَتَقَدَّمَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>