فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ.
وَإِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْمُكَاتَبِ لِكَمَالِهِ، وَالْبَلَدِيُّ عَلَى الْبَدَوِيِّ، وَيَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِي الْتِقَاطِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ، وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ، وَقِيلَ الْكَافِرُ، وَلَا تُقَدَّمُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ وَإِنْ قُدِّمَتْ فِي الْحَضَانَةِ.
تَنْبِيهٌ لَوْ ازْدَحَمَ عَلَى أَخْذِ لَقِيطٍ بِبَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ ظَاعِنٌ إلَى بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَآخَرُ مُقِيمٌ فَالْمُقِيمُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ وَأَحْوَطُ لِنَسَبِهِ لَا عَلَى ظَاعِنٍ يَظْعَنُ بِهِ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى بَلْ يَسْتَوِيَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُنْفَرِدِ نَقْلُهُ إلَى بَلَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ تَقْدِيمَ قَرَوِيٍّ مُقِيمٍ بِالْقَرْيَةِ عَلَى بَلَدِيٍّ ظَاعِنٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ، لَكِنَّ مَنْقُولَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ كَمَا نَقَلَهُ هُوَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ، وَيُقَدَّمُ حَضَرِيٌّ عَلَى بَدَوِيٍّ إذَا وَجَدَاهُ بِمَهْلَكَةٍ، وَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ إذَا وَجَدَاهُ بِمَحَلَّةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُقَدَّمُ الْبَصِيرُ عَلَى الْأَعْمَى، وَالسَّلِيمُ عَلَى الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ إنْ قِيلَ بِأَهْلِيَّتِهِمْ لِلِالْتِقَاطِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ وَتَشَاحَّا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا عَلَى النَّصِّ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ اللَّقِيطُ مُمَيِّزًا وَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا بِخِلَافِ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ لِتَعْوِيلِهِمْ ثَمَّ عَلَى الْمَيْلِ النَّاشِئِ عَنْ الْوِلَادَةِ وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا وَلَا يُهَايَأُ بَيْنَهُمَا لِلْإِضْرَارِ بِاللَّقِيطِ وَلَا يُتْرَكُ فِي يَدِهِمَا لِتَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْحَضَانَةِ، وَقَدْ كَانَتْ الْقُرْعَةُ فِي الْكَفَالَةِ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ، قَالَ تَعَالَى {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: ٤٤] أَيْ اقْتَرَعَتْ الْأَحْبَارُ عَلَى كَفَالَتِهَا بِإِلْقَاءِ أَقْلَامِهِمْ، وَلَمْ يَرِدْ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ شَرْعًا أَمْ لَا؟ وَلَيْسَ لِلْقَارِعِ تَرْكُ حَقِّهِ لِلْآخَرِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ نَقْلُهُ إلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ تَرَكَ حَقَّهُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ انْفَرَدَ بِهِ الْآخَرُ
(وَإِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ) أَوْ قَرَوِيٌّ أَوْ بَدَوِيٌّ (لَقِيطًا بِبَلَدٍ) أَوْ قَرْيَةٍ (فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ) لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا وَتَفْوِيتِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ، وَقِيلَ لِضَيَاعِ النَّسَبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّفَرِ بِهِ لِلنُّقْلَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ. نَعَمْ لَوْ قَرُبَتْ الْبَادِيَةُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْقَرْيَةِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ الْمُرَادُ مِنْهَا جَازَ النَّقْلُ إلَيْهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. وَيَمْتَنِعُ أَيْضًا نَقْلُهُ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى قَرْيَةٍ لِمَا مَرَّ.
تَنْبِيهٌ الْبَادِيَةُ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَةَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ، وَالْقَرْيَةُ هِيَ الْعِمَارَةُ الْمُجْتَمِعَةُ فَإِنْ كَبُرَتْ سُمِّيَتْ بَلَدًا. وَإِنْ عَظُمَتْ سُمِّيَتْ مَدِينَةً، وَالرِّيفُ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (نَقْلَهُ) أَيْ اللَّقِيطِ (إلَى بَلَدٍ آخَرَ) بِنَاءً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute