فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرْتَدٌّ، وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ.
الثَّانِيَةُ إذَا سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا تَبِعَ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَالنَّصْرَانِيَّة حُكْمٌ جَدِيدٌ، وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، وَالْمَجْنُونُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِكُفْرِهِ كَالصَّغِيرِ فِي تَبَعِيَّةِ أَحَدِ أُصُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ إنْ بَلَغَ مَجْنُونًا، وَكَذَا إنْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فِي الْأَصَحِّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا زَنَى بِكَافِرَةٍ يَكُونُ الْوَلَدُ مُسْلِمًا يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّانِ وَالْمُرْتَدَّانِ عَلَى تَرْجِيحِهِ مِنْ أَنَّ وَلَدَ الْمُرْتَدَّيْنِ مُرْتَدٌّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ. أَمَّا عَلَى تَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ) بَعْدَ بُلُوغِهِ (كُفْرًا فَمُرْتَدٌّ) فِي الْأَظْهَرِ لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ (وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ وَأُزِيلَ ذَلِكَ بِالْحُكْمِ بِالتَّبَعِيَّةِ، فَإِذَا اسْتَقَلَّ انْقَطَعَتْ فَيُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَصْفُ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ وَصَفَهُ ثُمَّ وَصَفَ الْكُفْرَ فَمُرْتَدٌّ قَطْعًا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا تُنْقَضُ الْأَحْكَامُ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ حَتَّى لَا يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَلَا يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ مَا حَرَمْنَاهُ مِنْهُ، وَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَقَعْ مُجْزِئًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِشَيْءٍ لَمْ يُنْقَضْ مَا حُكِمَ بِهِ مِنْ أَحْكَامِ إسْلَامِهِ فِي الصِّبَا، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ لَوْ أَقَرَّ بِالْكُفْرِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَبَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَأَصْلِيٌّ لَا مُرْتَدٌّ فَيُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ وَيُنْقَضُ مَا أَمْضَيْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ مِمَّا جَرَى فِي الصِّغَرِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِشَيْءٍ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةُ الْجِهَةِ.
تَنْبِيهٌ: سَبَى الذِّمِّيُّ الصَّبِيَّ أَوْ الْمَجْنُونَ وَبَاعَهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ بَاعَهُ الْمُسْلِمُ الَّذِي سَبَاهُ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ وَلَوْ دُونَ أَبَوَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ (الثَّانِيَةُ إذَا سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا) أَوْ مَجْنُونًا (تَبِعَ السَّابِيَ) لَهُ (فِي الْإِسْلَامِ) فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهُ فَتَبِعَهُ كَالْأَبِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَكَأَنَّ السَّابِيَ لَمَّا أَبْطَلَ حُرِّيَّتَهُ قَلَبَهُ قَلْبًا كُلِّيًّا، فَعُدِمَ عَمَّا كَانَ وَافْتُتِحَ لَهُ وُجُودٌ تَحْتَ يَدِ السَّابِي وَوِلَايَةٌ فَأَشْبَهَ تَوَلُّدَهُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّابِي بَالِغًا عَاقِلًا أَمْ لَا. أَمَّا إذَا سُبِيَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُ السَّابِيَ جَزْمًا وَمَعَ كَوْنِ أَحَدِ أَبَوَيْ الطِّفْلِ مَعَهُ أَنْ يَكُونَا فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لَا أَنَّ مَالِكَهُمَا وَاحِدٌ بَلْ يَتْبَعُ أَحَدَ أَبَوَيْهِ فِي دِينِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute