وَلَوْ مَاتَ الْآبِقُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ هَرَبَ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ وَإِذَا رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ أَوْ سَعْيَهُ فِي رَدِّهِ.
فَإِنْ اخْتَلَفَا
ــ
[مغني المحتاج]
ذَلِكَ فِيهِمَا فَسْخٌ بِلَا بَدَلٍ بِخِلَافِ هَذَا.
(وَلَوْ) تَلِفَ الْمَرْدُودُ قَبْلَ وُصُولِهِ كَأَنْ (مَاتَ الْآبِقُ) بِغَيْرِ قَتْلِ الْمَالِكِ لَهُ (فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ) وَلَوْ بِقُرْبِ دَارِ سَيِّدِهِ (أَوْ) غُصِبَ أَوْ تَرَكَهُ الْعَامِلُ أَوْ (هَرَبَ) وَلَوْ فِي دَارِ الْمَالِكِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لَهُ (فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) وَإِنْ حَضَرَ الْآبِقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَأَتَى بِبَعْضِ الْأَعْمَالِ وَمَاتَ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَجِّ الثَّوَابُ، وَقَدْ حَصَلَ بِبَعْضِ الْعَمَلِ وَهُنَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ الْمَقْصُودِ، وَبِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ تَجِبُ الْأُجْرَةُ فِيهَا بِالْعَقْدِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْجَعَالَةُ جَائِزَةٌ لَا يَثْبُتُ فِيهَا شَيْءٌ إلَّا بِالشَّرْطِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ خَاطَ نِصْفَ الثَّوْبِ فَاحْتَرَقَ أَوْ تَرَكَهُ، أَوْ بَنَى بَعْضَ الْحَائِطِ فَانْهَدَمَ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ لَمْ يَتَعَلَّمْ الصَّبِيُّ لِبَلَادَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا لَوْ طَلَبَ الْآبِقَ فَلَمْ يَجِدْهُ، هَذَا إذَا لَمْ يَقَعْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا، وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيمِ لِوُقُوعِهِ مُسَلَّمًا بِالتَّعْلِيمِ مَعَ ظُهُورِ أَثَرِ الْعَمَلِ عَلَى الْمَحَلِّ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ حُرًّا كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ السَّيِّدُ أَوْ حَصَلَ التَّعْلِيمُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَسْخِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ بِالْفَسْخِ جَاءَ مِنْ جِهَتِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَلَوْ مَنَعَ الصَّبِيَّ أَبُوهُ مِنْ تَمَامِ التَّعَلُّمِ أَوْ الْمَالِكُ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ وَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا عَمِلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فَسْخٌ أَوْ كَالْفَسْخِ. أَمَّا إذَا قَتَلَهُ الْمَالِكُ فَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ الْقِسْطَ كَمَا لَوْ فَسَخَ الْمَالِكُ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ رَقِيقَهُ قَبْلَ رَدِّهِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ لَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ إذَا رَدَّهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِحُصُولِ الرُّجُوعِ ضِمْنًا أَيْ فَلَا أُجْرَةَ لِعَمَلِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ تَنْزِيلًا لِإِعْتَاقِهِ مَنْزِلَةَ فَسْخِهِ.
(وَإِذَا رَدَّهُ) أَيْ الْآبِقَ الْعَامِلُ عَلَى سَيِّدِهِ (فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ) لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا حَبْسَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَكَذَا لَا يَحْبِسُهُ لِاسْتِيفَاءِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ) بِيَمِينِهِ (إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ) لِلْعَامِلِ بِأَنْ اخْتَلَفَا فِيهِ، فَقَالَ: الْعَامِلُ شَرَطْتَ لِي جُعْلًا وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ (أَوْ) أَنْكَرَ (سَعْيَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (فِي رَدِّهِ) أَيْ الْآبِقِ بِأَنْ قَالَ: لَمْ تَرُدَّهُ وَإِنَّمَا رَجَعَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ وَالرَّدِّ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ فِي بُلُوغِهِ النِّدَاءَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّادِّ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي سَمَاعِ نِدَائِهِ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute