وَكَذَا قِيَاسُ بَنِي الْعَمِّ وَسَائِرِ عَصَبَةِ النَّسَبِ، وَالْعَصَبَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ، فَيَرِثُ الْمَالَ أَوْ مَا فَضَلَ بَعْدَ الْفُرُوضِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْعَمُّ لِأَبٍ بِالْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ كَأَخٍ مِنْ أَبٍ مَعَ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ، هَذَا عِنْدَ عَدَمِ بَنِي الْإِخْوَةِ لِأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَهُمْ لِتَأَخُّرِ رُتْبَتِهِمْ عَنْهُمْ (وَكَذَا قِيَاسُ بَنِي الْعَمِّ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَمِّ كَبَنِي الْإِخْوَةِ (وَ) كَذَا قِيَاسُ (سَائِرِ) أَيْ: بَاقِي (عَصَبَةِ النَّسَبِ) كَبَنِي بَنِي الْعَمِّ وَبَنِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَهَلُمَّ جَرَّا. فَإِنْ قِيلَ: يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بَنُو الْأَخَوَاتِ اللَّوَاتِي هُنَّ عَصَبَةٌ مَعَ الْبَنَاتِ مَعَ أَنَّ بَنِيهِنَّ لَيْسُوا مِثْلَهُنَّ، وَهُنَّ مِنْ عَصَبَةِ النَّسَبِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَصَبَةِ بِنَفْسِهِ (وَالْعَصَبَةُ) وَيُسَمَّى بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ قَالَهُ الْمُطَرِّزِيُّ وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ، وَأَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ إطْلَاقَهُ عَلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ جَمْعُ عَاصِبٍ، وَمَعْنَى الْعَصَبَةِ لُغَةً قَرَابَةُ الرَّجُلِ لِأَبِيهِ، وَشَرْعًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (مَنْ لَيْسَ لَهُ) حَالَ التَّعْصِيبِ بِجِهَةِ التَّعْصِيبِ (سَهْمٌ مُقَدَّرٌ مِنْ) الْوَرَثَةِ (الْمُجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ) وَغَيْرِهِمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْتُ الْمُقَدَّرَ بِجِهَةِ التَّعْصِيبِ لِئَلَّا يَرِدَ ابْنُ عَمٍّ هُوَ زَوْجٌ أَوْ أَخٌ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ فَرْضًا لَيْسَ مِنْ جِهَةِ التَّعْصِيبِ بَلْ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ أُخُوَّةِ الْأُمِّ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ، وَأَدْخَلْتُ فِي كَلَامِهِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، إذْ الصَّحِيحُ فِي تَوْرِيثِهِمْ مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُمْ يُنَزِّلُونَ كُلًّا مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ، وَهُمْ يَنْقَسِمُونَ إلَى ذَوِي فَرْضٍ وَعَصَبَاتٍ.
تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الرِّجَالِ عَصَبَةٌ إلَّا الزَّوْجَ وَالْأَخَ لِلْأُمِّ، وَكُلُّ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ النِّسَاءِ ذَاتُ فَرْضٍ إلَّا الْمُعْتِقَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ تَعْرِيفِ الْعَصَبَةِ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ: (فَيَرِثُ الْمَالَ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ إذَا انْفَرَدَ، وَذَلِكَ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ، وَلَمْ يَنْتَظِمْ فِي صُورَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ بَيْتُ الْمَالِ (أَوْ مَا فَضَلَ بَعْدَ الْفُرُوضِ) أَوْ الْفَرْضِ، إنْ كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ أَوْ ذُو فُرُوضٍ أَيْ: سَهْمٍ مُقَدَّرٍ وَلَمْ يَنْتَظِمْ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ بَيْتُ الْمَالِ وَكَانَ ذُو الْفَرْضِ فِيهَا أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَنْ لَهُ فَرْضٌ، وَمِنْ حُكْمِ الْعَاصِبِ أَيْضًا أَنَّهُ يَسْقُطُ عِنْدَ اسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ كَمَا سَبَقَ إلَّا إذَا انْقَلَبَ إلَى فَرْضٍ كَالشَّقِيقِ فِي الْمُشَرَّكَةِ، وَمِنْ حُكْمِهِ أَيْضًا أَنَّ قَرِيبَ الْجِهَةِ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَرِيبِ لِلْمَيِّتِ، فَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنِ ابْنِ أَخٍ وَابْنِ عَمٍّ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ.
تَنْبِيهٌ: وَالْعَصَبَةُ بِغَيْرِهِ هُنَّ الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ غَيْرُ وَلَدِ الْأُمِّ مَعَ أَخِيهِنَّ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: فَيَرِثُ الْمَالَ صَادِقٌ بِالْعَصَبَةِ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ وَبِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مَعًا، وَالْعَصَبَةُ بِغَيْرِهِ هُنَّ الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ غَيْرُ وَلَدِ الْأُمِّ مَعَ أَخِيهِنَّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا فَضَلَ إلَخْ صَادِقٌ بِذَلِكَ، وَبِالْعَصَبَةِ مَعَ غَيْرِهِ، وَهُنَّ الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ، فَلَيْسَ لَهُنَّ حَالٌ يَسْتَغْرِقْنَ فِيهَا الْمَالَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَصَبَةِ بِغَيْرِهِ وَالْعَصَبَةِ مَعَ غَيْرِهِ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ لُحْمَةَ عَصَبَةٍ بِخِلَافِ الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute