للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، وَمُقَاسَمَتُهُمْ كَأَخٍ، فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَالْبَاقِي لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ سُدُسِ التَّرِكَةِ وَثُلُثِ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةِ، وَقَدْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ

ــ

[مغني المحتاج]

الْمُعْتَزِلَةِ، وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنَّ الْجَدَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فَيَحْجُبُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ يُسَمَّى أَبًا وَلِأَنَّهُ يَأْخُذُ السُّدُسَ مَعَ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ كَالْأَبِ فَأَسْقَطَ الْإِخْوَةَ.

وَالْمَذْهَبِ الثَّانِي: أَنَّهُ يُشَارِكُ الْإِخْوَةَ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُو) أَيْ صَاحِبُ (فَرْضٍ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ) جَمِيعِ (الْمَالِ، وَ) مِنْ (مُقَاسَمَتِهِمْ كَأَخٍ) .

أَمَّا أَخْذُ الثُّلُثِ فَلِأَنَّ لَهُ مَعَ الْأُمِّ مِثْلَيْ مَالِهَا، وَالْإِخْوَةُ لَا يُنْقِصُونَهَا عَنْ السُّدُسِ فَلَا يُنْقِصُونَهُ عَنْ مِثْلَيْهِ وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَا يُنْقِصُونَ أَوْلَادَ الْأُمِّ عَنْ الثُّلُثِ، فَبِالْأَوْلَى الْجَدُّ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُمْ.

وَأَمَّا الْمُقَاسَمَةُ فَلِأَنَّهُ كَالْأَخِ فِي إدْلَائِهِ بِالْأَبِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ الْأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فَأَخَذَ بِأَكْثَرِهِمَا.

فَإِنْ اسْتَوَى لَهُ الْأَمْرَانِ، فَالْفَرْضِيُّونَ يُعَبِّرُونَ فِيهِ بِالثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ، وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ: أَنَّ لَهُ مَعَ الْأَخَوَاتِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فِيمَا إذَا كَانُوا دُونَ مِثْلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي خَمْسِ صُوَرٍ: أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَدِّ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ، وَالثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ فِيمَا إذَا زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ، وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهُ فِي عَدَدٍ فَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِخَمْسِ أَخَوَاتٍ وَأَخَوَيْنِ وَأُخْتٍ أَوْ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ وَأَخٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْحَصِرُ، وَيَسْتَوِي لَهُ الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ (فَإِنْ أَخَذَ) الْجَدُّ (الثُّلُثَ فَالْبَاقِي لَهُمْ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ جَدٌّ (وَإِنْ كَانَ) مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ يُتَصَوَّرُ إرْثُهُ مَعَهُمْ وَهُوَ الْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّاتُ وَالزَّوْجَانِ (فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ سُدُسِ التَّرِكَةِ، وَ) مِنْ (ثُلُثِ الْبَاقِي) بَعْدَ الْفَرْضِ (وَ) مِنْ (الْمُقَاسَمَةِ) بَعْدَ الْفَرْضِ.

أَمَّا السُّدُسُ: فَلِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ مَعَ الْأَوْلَادِ فَمَعَ الْإِخْوَةِ أَوْلَى، وَأَمَّا ثُلُثُ الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ لَأَخَذَ جَمِيعَ ثُلُثِ الْمَالِ، فَإِذَا خَرَجَ قَدْرُ الْفَرْضِ مُسْتَحَقًّا أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي وَكَأَنَّ الْفَرْضَ تَلِفَ مِنْ الْمَالِ.

وَأَمَّا الْمُقَاسَمَةُ فَلِمَا سَبَقَ مِنْ تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ أَخٍ، وَضَابِطُ مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفَرْضُ نِصْفًا فَمَا دُونَهُ، فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ إنْ كَانَ لِإِخْوَةٍ دُونَ مِثْلَيْهِ، وَإِنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ فَثُلُثُ الْبَاقِي أَغْبَطُ، وَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ اسْتَوَيَا، وَقَدْ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ ثُلُثَيْنِ فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ إنْ كَانَ مَعَهُ أُخْتٌ وَإِلَّا فَلَهُ السُّدُسُ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ بَيْنَ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ كَنِصْفٍ وَثُمُنٍ، فَالْقِسْمَةُ أَغْبَطُ مَعَ أُخْتٍ أَوْ أَخٍ أَوْ أُخْتَيْنِ، فَإِنْ زَادُوا فَلَهُ السُّدُسُ (وَقَدْ لَا يَبْقَى) بَعْدَ الْفَرْضِ (شَيْءٌ) لِلْجَدِّ (كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ) مَعَ جَدٍّ وَإِخْوَةٍ، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتَعُولُ بِسَهْمِ بَقِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>