وَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ، وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ.
أَوْ بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ، فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى شِقْصٌ بَلْ نَفِيسَتَانِ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَنْفُسِ رَقَبَتَيْنِ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ، وَلَوْ قَالَ ثُلُثِي لِلْعِتْقِ اُشْتُرِيَ شِقْصٌ.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: كَفَّارَةً بِالنَّصْبِ بِخَطِّهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ: إمَّا حَالٌ لِأَنَّهُ نَفْسَهُ كَفَّارَةٌ أَوْ تَمْيِيزٌ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَ كَفَّارَةً بِمَعْنَى تَكْفِيرٍ صَحَّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مِنْ أَجْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ لِقِلَّتِهِ.
(وَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ) مُبْهَمًا - أَيْ بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ (فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا) كُلُّهُمْ، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ مَضْمُونًا أَوْ خَرَجُوا عَنْ مِلْكِهِ بِإِعْتَاقٍ أَوْ نَحْوِ بَيْعٍ (قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (بَطَلَتْ) هَذِهِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا رَقِيقَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ (وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ) لِلْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إمْسَاكُهُ وَإِعْطَاؤُهُ قِيمَةَ مَقْتُولٍ وَمِثْلُهُ لَوْ خَرَجُوا عَنْ مِلْكِهِ بِمَا مَرَّ إلَّا وَاحِدًا، هَذَا إذَا أَوْصَى بِأَحَدِ الْمَوْجُودَيْنِ فَإِنْ أَوْصَى بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ فَمَاتَ الَّذِينَ فِي مِلْكِهِ أَوْ خَرَجُوا عَنْ مِلْكِهِ وَتَجَدَّدَ لَهُ غَيْرُهُمْ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَإِذَا بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ الْمَوْجُودَيْنِ لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ لِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْحَادِثِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ مَوْتِهِ مَا بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ أَوْ الْمَوْتُ بَعْدَ الْقَبُولِ أَوْ قَبْلَهُ وَقَبِلَ انْتَقَلَ حَقُّهُ إلَى قِيمَةِ أَحَدِهِمْ فِي صُورَةِ الْقَتْلِ بِخِيرَةِ الْوَارِثِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ وَلَزِمَهُ تَجْهِيزُهُ فِي الْحَالَيْنِ.
(أَوْ) أَوْصَى (بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَمَنْ قَالَ: أَقَلُّهُ اثْنَانِ جَوَّزَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرُوا بِثُلُثِ مَالِي رِقَابًا وَأَعْتِقُوهُمْ اشْتَرَوْا ثَلَاثًا لِمَا مَرَّ فَأَكْثَرَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى مِنْ الِاسْتِقْلَالِ مَعَ الِاسْتِغْلَاءِ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ إعْتَاقَ خَمْسِ رِقَابٍ قَلِيلَةِ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ إعْتَاقِ أَرْبَعٍ كَثِيرَةِ الْقِيمَةِ، وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مَا وَصَّى بِهِ إلَى رَقَبَتَيْنِ مَعَ إمْكَانِ ثَلَاثٍ، فَلَوْ صَرَفَهُ ضَمِنَ الْوَصِيُّ الثَّالِثَةَ، وَهَلْ يَضْمَنُ ثُلُثَ مَا نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ أَوْ أَقَلَّ مَا يَجِدُ بِهِ رَقَبَةً؟ فِيهِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي (فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ) أَيْ: عَنْ ثَلَاثِ رِقَابٍ (فَالْمَذْهَبُ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى) مَعَ رَقَبَتَيْنِ (شِقْصٌ) مِنْ رَقَبَةٍ، وَلَوْ كَانَ بَاقِيهَا حُرًّا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّعْلِيلِ (بَلْ) يَشْتَرِي (نَفِيسَتَانِ بِهِ) أَيْ: بِمَا أَوْصَى بِهِ (فَإِنْ فَضَلَ) مِنْ الْمُوصَى بِهِ (عَنْ أَنْفُسِ رَقَبَتَيْنِ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ) لِأَنَّ الشِّقْصَ لَيْسَ رَقَبَةً، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ رَقَبَةً، فَلَمْ يُوجَدْ إلَّا شِقْصٌ لَمْ يُشْتَرَ قَطْعًا.
وَالثَّانِي: يُشْتَرَى شِقْصٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي مِنْ صَرْفِ الْفَاضِلِ لِلْوَرَثَةِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ فَضَلَ مَا أَوْصَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ عَنْ ثَلَاثِ نَفِيسَاتٍ شَيْءٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَيَظْهَرُ أَنَّهَا أَوْلَى بِأَنْ لَا يُشْتَرَى بِهِ الشِّقْصُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لِحُصُولِ اسْمِ الْجَمْعِ هُنَا، وَلَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ شِقْصٍ اُشْتُرِيَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إمَّا لِعَدَمِهِ أَوْ لِقِلَّةِ الْبَاقِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَرُدَّتْ لِلْوَرَثَةِ (وَلَوْ قَالَ ثُلُثِي لِلْعِتْقِ اُشْتُرِيَ شِقْصٌ) لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ صَرْفُ الثُّلُثِ إلَى الْعِتْقِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَى الشِّقْصُ وَإِنْ قُدِرَ عَلَى التَّكْمِيلِ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute