إلَّا أَصْلًا وَفَرْعًا فِي الْأَصَحِّ، وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْعِبْرَةُ بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ، وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ قَبِيلَةً،
ــ
[مغني المحتاج]
يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ أَحْرَارٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ أَحْرَارٌ لَمْ تَدْخُلْ الْعَبِيدُ مَعَهُمْ، إذْ لَا يُقْصَدُونَ بِالْوَصِيَّةِ عَادَةً اهـ.
وَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاشِرِيُّ لِقَوْلِهِمْ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُذْكَرُ لِإِرَادَةِ جِهَةِ الْقَرَابَةِ، وَالِاسْمُ شَامِلٌ لِلْكُلِّ.
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ كُلُّ قَرِيبٍ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ وَهَذَا إذَا انْحَصَرُوا، فَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا فَكَالْوَصِيَّةِ لِلْعَلَوِيَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْجَمْعِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى قَرِيبَيْنِ أَوْ قَرِيبٍ وَاحِدٍ أَخَذَ الْكُلَّ لَا الْقِسْطَ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَدْخُلُ الْبَعِيدُ مَعَ أَنَّ أَقَارِبَ جَمْعُ أَقْرَبَ وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ التَّسْوِيَةَ ثَابِتَةٌ بِالْعُرْفِ. وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] فَدَخَلَ كُلُّ قَرِيبٍ وَبَعْضُهُمْ أَقْرَبُ مِنْ بَعْضٍ، وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ، لَكِنْ قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَبِينَ الْأَوْلَادُ، وَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] كَانَتْ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ جُمْلَةِ مَنْ دُعِيَ لِلْإِنْذَارِ (إلَّا أَصْلًا) أَيْ الْأَبَ وَالْأُمَّ فَقَطْ (وَ) إلَّا (فَرْعًا) أَيْ أَوْلَادَ الصُّلْبِ فَقَطْ فَلَا يَدْخُلَانِ فِي الْأَقَارِبِ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يُسَمُّونَ أَقَارِبَ عُرْفًا. أَمَّا الْأَجْدَادُ وَالْأَحْفَادُ فَيَدْخُلُونَ لِشُمُولِ الِاسْمِ لَهَا. وَالثَّانِي: يَدْخُلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَقْرَبِ الْأَقَارِبِ فَكَيْفَ لَا يَكُونُونَ مِنْ الْأَقَارِبِ؟ . قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا أَظْهَرُ بَحْثًا وَنَقْلًا، وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ (وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ) فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ (فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ) إذَا كَانَ الْمُوصِي عَرَبِيًّا فَإِنَّهُمْ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَا وَلَا يَعُدُّونَهَا قَرَابَةً. وَالثَّانِي: يَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ كَالْعَجَمِ، وَقَوَّاهُ فِي الشَّرْحَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا وُجِّهَ بِهِ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ تَدْخُلُ فِي لَفْظِ الرَّحِمِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ جَمِيعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الرَّحِمَ هِيَ قَرَابَةٌ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِبْطِ: «إنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» لِأَنَّ أُمَّ إسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ وَقَدْ افْتَخَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَالِهِ سَعْدٍ «فَقَالَ: سَعْدٌ خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ (وَالْعِبْرَةُ) فِيمَا ذُكِرَ (بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ، وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْجَدِّ (قَبِيلَةً) فَيَرْتَقِي فِي بَنِي الْأَعْمَامِ إلَيْهِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ مَنْ فَوْقَهُ فَالْوَصِيَّةُ لِأَقَارِبِ حَسَنِيٍّ لِأَوْلَادِ الْحَسَنِ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ وَأَوْلَادِ الْحُسَيْنِ وَالْوَصِيَّةُ لِأَقَارِبِ الشَّافِعِيِّ فِي زَمَانِهِ لِأَوْلَادِ شَافِعٍ، فَتَقْيِيدُ الرَّوْضَةِ بِزَمَنِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ جَدٍّ يُعْرَفُ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَلَا يُصْرَفُ لِمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute