للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ.

وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ، وَأُمُّ الْأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا.

وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ بِالْفِسْقِ

وَكَذَا الْقَاضِي فِي الْأَصَحِّ لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

بَحْثٌ مَرْدُودٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ، وَكَالذِّمِّيِّ فِيمَا ذُكِرَ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ.

مَسْأَلَةٌ: سُئِلَ عَنْهَا ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهِيَ أَمْوَالُ أَيْتَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ هَلْ عَلَى الْحَاكِمِ الْكَشْفُ عَلَيْهِمْ؟

فَأَجَابَ بِالْمَنْعِ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ مُسْلِمٍ. وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَتُعْتَبَرُ هَذِهِ الشُّرُوطُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْإِيصَاءِ وَلَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّسَلُّطِ عَلَى الْقَبُولِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى إلَى مَنْ خَلَا عَنْ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا كَصَبِيٍّ وَرَقِيقٍ ثُمَّ اسْتَكْمَلَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّ.

(وَلَا يَضُرُّ) فِي الْوَصِيِّ (الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّوْكِيلِ فِيمَا لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ. وَالثَّانِي: يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِأَخْرَسَ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَهَذَا النَّظَرُ هُوَ الظَّاهِرُ.

(وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَدْ أَوْصَى سَيِّدُنَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَأُمُّ الْأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا) مِنْ النِّسَاءِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِصْطَخْرِيِّ فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّهَا تَلِي بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَكَذَا أَوْلَى مِنْ الرِّجَالِ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ إذَا كَانَ فِيهَا مَا فِيهِمْ مِنْ الْكِفَايَةِ وَالِاسْتِرْبَاحِ وَنَحْوِهِمَا وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَمْ مِنْ مُحِبٍّ مُشْفِقٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْأَرْبَاحِ وَالْمَصَالِحِ التَّامَّةِ لِمَنْ يَلِي أَمْرَهُ، وَلِلْقَاضِي أَنْ يُفَوِّضَ أَمْرَ الْأَطْفَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَصَّى إلَى امْرَأَةٍ فَتَكُونُ قَيِّمَةً، فَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الْأَطْفَالِ فَذَاكَ أَوْلَى، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ.

(وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ) وَقَيِّمُ الْقَاضِي وَالْأَبُ وَالْجَدُّ بَعْدَ الْوِلَايَةِ (بِالْفِسْقِ) بِتَعَدٍّ فِي الْمَالِ، أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ لِزَوَالِ الشَّرْطِ فَلَا يَحْتَاجُ لِعَزْلِ حَاكِمٍ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَنْعَزِلُ بِاخْتِلَالِ كِفَايَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ بِضَمِّ الْقَاضِي إلَيْهِ مُعَيَّنًا، بَلْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَضُمَّ إلَى الْوَصِيِّ غَيْرَهُ بِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ خَلَلٍ. قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ، وَفَسَادُ الزَّمَانِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] اهـ.

وَالْأَوْجَهُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ إنْ قَوِيَتْ الرِّيبَةُ بِقَرَائِنَ ظَاهِرَةٍ ضَمَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ ضَعُفَ مَنْصُوبُ الْقَاضِي عَزَلَهُ.

(وَكَذَا) يَنْعَزِلُ (الْقَاضِي) بِالْفِسْقِ (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ. وَالثَّانِي: لَا كَالْإِمَامِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْقَضَاءِ وَفَرْضُهَا فِي عَدَمِ نُفُوذِ حُكْمِهِ لَا فِي انْعِزَالِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ (لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ.

وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَلِحَدِيثِ: «صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» ، وَقِيلَ: يَنْعَزِلُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَفَرُّدَ الرَّافِعِيِّ بِتَرْجِيحِ عَدَمِ الِانْعِزَالِ.

تَنْبِيهٌ: بِالتَّوْبَةِ مِنْ الْفِسْقِ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا وِلَايَةُ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا شَرْعِيَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>