للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ وَنَازَعَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ صَدَقَ الْوَصِيُّ، أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ صُدِّقَ الْوَلَدُ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ؟ فِيهِ نَظَرٌ يَحْتَمِلُ اللُّزُومُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الظَّالِمِ بِذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ - كَمَا قَالَ شَيْخُنَا - الْأَوَّلُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُوصِي أَنَّ عَزْلَهُ لِوَصِيِّهِ مُضَيِّعٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ أَوْ لِأَمْوَالِ أَوْلَادِهِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ أَوْ لِخُلُوِّ النَّاحِيَةِ عَنْ قَاضٍ أَمِينٍ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ عَزْلُهُ اهـ.

وَهُوَ حَسَنٌ.

تَنْبِيهٌ: تَسَمَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي إطْلَاقِ الْعَزْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصِي فَإِنَّ الْعَزْلَ فَرْعُ الْوِلَايَةِ، وَلَا وِلَايَةَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالرُّجُوعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ) رَشِيدًا وَكَمَلَ غَيْرُهُ (وَنَازَعَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ أَوْ نَحْوُهُ كَالْأَبِ (فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) أَوْ عَلَى مَمُونِهِ (صَدَقَ الْوَصِيُّ) وَنَحْوُهُ بِيَمِينِهِ فِي اللَّائِقِ بِالْحَالِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَقَدْ تَشُقُّ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ ادَّعَى زِيَادَةً عَلَى النَّفَقَةِ اللَّائِقَةِ صُدِّقَ الْوَلَدُ قَطْعًا (أَوْ) نَازَعَهُ (فِي دَفْعِ) الْمَالِ (إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ) وَالرُّشْدِ لِلطِّفْلِ وَالْكَمَالِ لِغَيْرِهِ، أَوْ فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَبِ (صُدِّقَ الْوَلَدُ) بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] وَلِأَنَّهُ لَا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَدَّمَتْ فِي الْوَكَالَةِ فَهِيَ مُكَرَّرَةٌ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ تِلْكَ فِي الْقَيِّمِ الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فَإِنَّ عِبَارَتَهُ هُنَاكَ: وَقَيِّمُ الْيَتِيمِ إلَخْ، وَهَذِهِ فِي الْوَصِيِّ لَا فِي قَيِّمِ الْيَتِيمِ، لَكِنَّ تَخْصِيصَهُ الْوَصِيَّ بِالذِّكْرِ يُوهِمُ أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ لَيْسَا كَذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ هُمَا كَالْوَصِيِّ كَمَا تَقَرَّرَ.

خَاتِمَةٌ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِمُبَاشَرَتِهِ لِمِثْلِهِ كَالْوَكِيلِ، قِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَلَا يُخَالِطُ الطِّفْلَ بِالْمَالِ إلَّا فِي الْمَأْكُولِ كَالدَّقِيقِ وَاللَّحْمِ لِلطَّبْخِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْإِرْفَاقِ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ} [البقرة: ٢٢٠] الْآيَةَ، وَلَا يَسْتَقِلُّ بِقِسْمَةِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ؛ وَلِأَنَّ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ بَيْعًا فَلَيْسَ لَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ أَوْ إقْرَارًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ بَاعَ لَهُ شَيْئًا حَالًّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِشْهَادُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ، وَلَوْ فَسَقَ الْوَلِيُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَى اللَّهِ وَإِلَى زَيْدٍ حُمِلَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى التَّبَرُّكِ، وَإِنْ خَافَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَالِ مِنْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ فَلَهُ تَخْلِيصُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: ٢٢٠] .

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمِنْ هَذَا مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا لِقَاضِي سُوءٍ لَانْتَزَعَ مِنْهُ الْمَالَ وَسَلَّمَهُ لِبَعْضِ خَوَنَتِهِ وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى اسْتِئْصَالِهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَحَرَّى فِي أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْضَى بِهِ الظَّالِمُ، وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ إذَا نَازَعَهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>