للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ مَالًا لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ.

وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا مَالًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ.

وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَصَبِيٍّ

وَتَرْتَفِعُ بِمَوْتِ الْمُودِعِ أَوْ

ــ

[مغني المحتاج]

خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا عَارِيَّةً فَوَدِيعَةٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَعَارِيَّةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَلَمْ يُعِدَّ بَعْدَ يَوْمِ الْعَارِيَّةِ وَدِيعَةً وَلَا عَارِيَّةً بَلْ تَصِيرُ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، فَلَوْ عَكَسَ الْأُولَى فَقَالَ: خُذْهُ يَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ وَيَوْمًا وَدِيعَةً، فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَيْسَتْ عَقْدَ وَدِيعَةٍ، وَإِنْ عَكَسَ الثَّانِيَةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَارِيَّةٌ وَفِي الثَّانِي أَمَانَةٌ.

(وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ مَالًا لَمْ يَقْبَلْهُ) لِأَنَّ إيدَاعَهُ كَالْعَدَمِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ (فَإِنْ قَبِلَ) الْمَالَ وَقَبَضَهُ (ضَمِنَ) لِعَدَمِ الْإِذْنِ الْمُعْتَبَرِ كَالْغَاصِبِ، وَلِهَذَا التَّعْلِيلِ لَا يُقَالُ: صَحِيحُ الْوَدِيعَةِ لَا ضَمَانَ فِيهِ فَكَذَا فَاسِدُهَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يُحْتَاجُ أَنْ يُقَالَ هُوَ بَاطِلٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى وَلِيِّهِ.

تَنْبِيهٌ: اُسْتُثْنِيَ مِنْ تَضْمِينِهِ مَا لَوْ خِيفَ هَلَاكُهُ فَأَخَذَهُ حِسْبَةً صَوْنًا لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ، وَمَا لَوْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ وَدِيعَةَ نَفْسِهِ بِلَا تَسْلِيطٍ مِنْ الْوَدِيعِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِرَاحِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْمُمَاثَلَةِ.

وَلَوْ أَوْدَعَهُ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى سَيِّدِهِ.

(وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا) أَوْ مَجْنُونًا (مَالًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ) وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ (لَمْ يَضْمَنْ) كُلٌّ مِنْهُمَا مَا تَلِفَ عِنْدَهُ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ بَالِغٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْفَاظٍ (وَإِنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَسْلِيطِهِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: لَا كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْبَائِعَ أَذِنَ فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ.

تَنْبِيهٌ: الْمُرَجَّحُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْخِلَافَ قَوْلَانِ.

(وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) فِي إيدَاعِهِ وَالْإِيدَاعِ عِنْدَهُ وَالْأَخْذِ مِنْهُ وَعَدَمِ تَضْمِينِهِ بِالتَّلَفِ عِنْدَهُ وَتَضْمِينِهِ بِإِتْلَافِهِ (كَصَبِيٍّ) فِيمَا ذُكِرَ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِالْحَجْرِ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ رَقِيقٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَتَلِفَ عِنْدَهُ مَا أَوْدَعَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ كَذَا أَطْلَقَاهُ، وَقَيَّدَهُ الْجُرْجَانِيِّ بِعَدَمِ التَّفْرِيطِ. قَالَ: وَلَا يُفَارِقُ الرَّقِيقُ الصَّبِيَّ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ فَرَّطَ، وَأَوْرَدَ عَلَى حَصْرِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُودَعُ عِنْدَهُ أَصْلًا وَيُودَعُ عِنْدَ الرَّقِيقِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَكَلَامُهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا قُيِّدَ بِهِ، وَوَلَدُ الْوَدِيعَةِ وَدِيعَةٌ كَأُمِّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عَقْدٌ. وَقِيلَ: إنَّهَا أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ، فَإِنْ قِيلَ: لَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْخِلَافِ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ فَائِدَةً، وَهِيَ أَنَّ الْعَيْنَ عَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا يَجِبُ رَدُّهَا بَعْدَ الطَّلَبِ، وَيَجِبُ رَدُّهَا عَلَى الثَّانِي حَالًا.

تَنْبِيهٌ: أَحْكَامُ الْوَدِيعَةِ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْجَوَازُ، وَالثَّانِي: الْأَمَانَةُ، وَالثَّالِثُ: الرَّدُّ، وَقَدْ شَرَعَ فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ: (وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ أَيْ يَنْتَهِي حُكْمُهَا (بِمَوْتِ الْمُودِعِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>