للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ.

وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَبَعْدَ السَّلَبِ تُخْرَجُ مُؤْنَةُ الْحِفْظِ وَالنَّقْلِ وَغَيْرِهِمَا

ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي فَخُمُسُهُ لِأَهْلِ خُمُسِ الْفَيْءِ يُقَسَّمُ كَمَا سَبَقَ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يُزِيلَ امْتِنَاعَهُ، فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي لِفَهْمِ الْأَوَّلِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ بِأَنْ يُعْمِيَهُ، وَهِيَ صَادِقَةٌ بِأَنْ يَضْرِبَ رَأْسَهُ فَيَذْهَبَ ضَوْءُ عَيْنَيْهِ، وَبِمَنْ لَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ فَيَقْلَعَهَا، فَهِيَ أَحْسَنُ لِشُمُولِهَا مَا ذُكِرَ.

(وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ فَدَاهُ أَوْ أَرَقَّهُ. أَمَّا فِي الْأَسْرِ فَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الْقَطْعِ. وَأَمَّا فِي الْقَطْعِ فَكَمَا لَوْ فَقَأَ عَيْنَيْهِ، وَالثَّانِي: لَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إلَّا بِالْقَتْلِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُ الِامْتِنَاعَ فَرُبَّمَا أَعْمَى شَرٌّ مِنْ الْبَصِيرِ وَمَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ يَحْتَالُ عَلَى الْأَخْذِ بِثَأْرِ نَفْسِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَطَعَ يَدًا وَرِجْلًا لِضَعْفِ حَرَكَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ طَرَفًا وَفَقَأَ عَيْنًا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ.

وَلَوْ مَسَكَهُ شَخْصٌ بِحَيْثُ مَنَعَهُ الْهَرَبَ وَلَمْ يَضْبِطْهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي قَتْلِهِ أَوْ إثْخَانِهِ اشْتَرَكَا فِي سَلَبِهِ لِانْدِفَاعِ شَرِّهِ بِهِمَا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ مَنُوطٌ بِالْقَتْلِ. نَعَمْ، إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ كَمُخَذِّلٍ رُدَّ نَصِيبُهُ إلَى الْغَنِيمَةِ، قَالَهُ الدَّارِمِيُّ. أَمَّا إذَا ضَبَطَهُ فَهُوَ أَسِيرٌ وَقَتْلُ الْأَسِيرِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ السَّلَبَ كَمَا مَرَّ، وَالْجَارِحُ إنْ أَثْخَنَ جَرِيحَهُ فَالسَّلَبُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يُثْخِنْهُ فَدَفَعَهُ آخَرُ فَالسَّلَبُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَكِبَ الْغَرَرَ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا حَقَّ لِلْآسِرِ فِي رَقَبَةِ أَسِيرِهِ وَلَا فِدَائِهِ، فَلَوْ أَرَقَّهُ الْإِمَامُ أَوْ فَدَاهُ فَالرَّقَبَةُ وَالْفِدَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا حَقَّ فِيهِمَا لِآسِرِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّلَبِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا.

(وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ لِلْقَاتِلِ وَلَمْ يُخَمِّسْهُ» وَالثَّانِي: يُخَمَّسُ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، فَيَدْفَعَ خُمُسَهُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَالْبَاقِيَ لِلْقَاتِلِ.

(وَبَعْدَ السَّلَبِ تُخْرَجُ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَوَّلَهُ بِخَطِّهِ (مُؤْنَةُ الْحِفْظِ وَالنَّقْلِ وَغَيْرِهِمَا) مِنْ الْمُؤَنِ اللَّازِمَةِ كَأُجْرَةِ حَمَّالٍ وَرَاعٍ إنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ.

(ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي) بَعْدَ السَّلَبِ وَالْمُؤَنُ خَمْسَةُ أَخْمَاسٍ مُتَسَاوِيَةٍ، وَيُؤْخَذُ خَمْسُ رِقَاعٍ وَيُكْتَبُ عَلَى وَاحِدَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَصَالِحِ وَعَلَى أَرْبَعٍ لِلْغَانِمِينَ. ثُمَّ تُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ مُتَسَاوِيَةٍ وَيُخْرَجُ لِكُلِّ خُمْسٍ رُقْعَةٌ، فَمَا خَرَجَ لِلَّهِ أَوَ لِلْمَصَالِحِ جُعِلَ بَيْنَ أَهْلِ الْخُمْسِ عَلَى خُمْسِهِ كَمَا قَالَ: (فَخُمُسُهُ) أَيْ الْمَالِ الْبَاقِي (لِأَهْلِ خُمُسِ الْفَيْءِ يُقَسَّمُ) بَيْنَهُمْ (كَمَا سَبَقَ) فِي قَسْمِ الْفَيْءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>