وَلَا شَيْءَ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، وَفِيمَا قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ وَجْهٌ.
وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ وَالْحِيَازَةِ فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ وَكَذَا بَعْدَ
ــ
[مغني المحتاج]
جُمْلَةِ الْغَانِمِينَ فَلَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهِمْ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّضْخَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ، وَأُورِدَ عَلَى مَنْطُوقِ الْمَتْنِ صُورَتَانِ: الْأُولَى الْمُخَذِّلُ وَالْمُرْجِفُ وَالْخَائِنُ إذَا حَضَرُوا الْوَقْعَةَ لَا يَسْتَحِقُّونَ سَهْمًا وَلَا رَضْخًا وَإِنْ حَضَرُوا بِنِيَّةِ الْقِتَالِ وَقَاتَلُوا، بَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ حُضُورِ الصَّفِّ وَلَا يُمْنَعُ الْفَاسِقُ مِنْ الصَّفِّ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ تَخْذِيلُهُ، وَالْمُخَذِّلُ مَنْ يُثَبِّطُ الْقَوْمَ كَأَنْ يَقُولَ: الْعَدُوُّ كَثِيرٌ وَلَا نَقْدِرُ عَلَيْهِمْ، وَالْمُرْجِفُ مَنْ يُخَوِّفُ الْقَوْمَ كَأَنْ يَقُولَ: جَاءَ الْعَدُوَّ مَدَدٌ، وَالْخَائِنُ مَنْ يُطْلِعُ الْكُفَّارَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ. الثَّانِيَةُ: الْمُنْهَزِمُ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالٍ، أَوْ مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ وَلَمْ يَعُدْ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مَعَ حُضُورِهِ، فَإِنْ عَادَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْوَقْعَةِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمَحُوزِ بَعْدَهُ فَقَطْ، وَكَذَا مَنْ حَضَرَ فِي الْأَثْنَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْمَحُوزِ قَبْلَهُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَكَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُتَحَيِّزِ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ فَإِنَّهُ يُعْطَى لِبَقَائِهِ فِي الْحَرْبِ مَعْنًى بِخِلَافِ الْمُتَحَيِّزِ إلَى بَعِيدَةٍ، وَإِنْ ادَّعَى التَّحَيُّزَ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ، أَوْ التَّحَرُّفَ لِقِتَالٍ صَدَّقْنَاهُ بِيَمِينِهِ إنْ أَدْرَكَ الْحَرْبَ، وَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ مِنْ الْجَمِيعِ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا مِنْ الْمَحُوزِ بَعْدَ عَوْدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْحَرْبَ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ، وَعَلَى مَفْهُومِهِ ثَلَاثُ صُورٍ، الْأُولَى: مَا لَوْ بَعَثَ الْإِمَامُ جَاسُوسًا فَغَنِمَ الْجَيْشُ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَإِنَّهُ يُشَارِكهُمْ فِي الْأَصَحِّ، الثَّانِيَةُ: لَوْ طَلَبَ الْإِمَامُ بَعْضَ الْعَسْكَرِ لِيُحْرَسَ مِنْ هُجُومِ عَدُوٍّ، أَوْ أَفْرَدَ مِنْ الْجَيْشِ كَمِينًا، فَإِنَّهُ يُسْهِمُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْوَقْعَةَ؛ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِهِمْ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. الثَّالِثَةُ: لَوْ دَخَلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَارَ الْحَرْبِ بِجَيْشٍ فَبَعَثَ سَرِيَّةً فِي نَاحِيَةٍ فَغَنِمَتْ شَارَكَهَا جَيْشُ الْإِمَامِ وَبِالْعَكْسِ لِاسْتِظْهَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، وَلَوْ بَعَثَ سَرِيَّتَيْنِ إلَى جِهَةٍ اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِيمَا تَغْنَمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ وَإِنْ تَبَاعَدَتَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يُشَارِكُ السَّرَايَا الْإِمَامُ وَلَا جَيْشُهُ إنْ كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ قَصَدَ لُحُوقَهُمْ.
(وَلَا شَيْءَ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ) وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ، أَوْ خِيفَ رُجُوعُ الْكُفَّارِ لِعَدَمِ شُهُودِ الْوَقْعَةِ (وَفِيمَا) بَعْدَ الِانْقِضَاءِ وَ (قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يُعْطَى؛ لِأَنَّهُ لَحِقَ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِيلَاءِ.
تَنْبِيهٌ تَرَدَّدَ الرَّافِعِيُّ فِي حِكَايَةِ هَذَا وَجْهًا أَوْ قَوْلًا، وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ قَوْلٌ، وَصُوَرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعٌ: حَاضِرٌ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَالْحِيَازَةِ فَيَسْتَحِقُّ جَزْمًا، أَوْ بَعْدَهُمَا فَلَا جَزْمًا، أَوْ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، أَوْ عَكْسُهُ فَيَسْتَحِقُّ كَمَا يَفْهَمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ.
(وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ، أَوْ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ (بَعْدَ انْقِضَائِهِ) أَيْ الْقِتَالِ (وَ) بَعْدَ (الْحِيَازَةِ فَحَقُّهُ) مِنْ الْمَالِ إنْ قُلْنَا: إنَّ الْغَنِيمَةَ تُمْلَكُ بِالِانْقِضَاءِ وَالْحِيَازَةِ، أَوْ حَقَّ تَمَلُّكِهِ إنْ قُلْنَا: إنَّهَا إنَّمَا تُمْلَكُ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ أَوْ الْقِسْمَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (لِوَارِثِهِ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ تَصْدُقُ بِمَا قُلْنَاهُ (وَكَذَا) لَوْ مَاتَ (بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute