وَلَا يُعْطَى إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لَا لِبَعِيرٍ وَغَيْرِهِ.
وَلَا يُعْطَى لِفَرَسٍ أَعْجَفَ وَمَا لَا غَنَاءَ فِيهِ، وَفِي قَوْلٍ يُعْطَى إنْ لَمْ يُعْلَمْ نَهْيُ الْأَمِيرِ عَنْ إحْضَارِهِ.
وَالْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالذِّمِّيُّ إذَا حَضَرُوا فَلَهُمْ الرَّضْخُ
ــ
[مغني المحتاج]
بَيْنَهُمْ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِمْ، وَيَتْبَعُهُمْ صِغَارُ السَّبْيِ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُمْ كَامِلٌ فَالْغَنِيمَةُ لَهُ وَيَرْضَخُ لَهُمْ.
(وَلَا يُعْطَى) الْفَارِسُ (إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ) وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْطِ الزُّبَيْرَ إلَّا لِفَرَسٍ وَكَانَ مَعَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَفْرَاسٌ» (عَرَبِيًّا كَانَ) الْفَرَسُ (أَوْ غَيْرَهُ) كَالْبِرْذَوْنِ، وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ أَعْجَمِيَّانِ، وَالْهَجِينُ وَهُوَ مَا أَبُوهُ عَرَبِيٌّ دُونَ أُمِّهِ، وَالْمُقْرِفُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ الْكَرَّ وَالْفَرَّ يَحْصُلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُهُمَا كَالرِّجَالِ (لَا لِبَعِيرٍ وَغَيْرِهِ) كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالْفِيلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْحَرْبِ صَلَاحِيَّةَ الْخَيْلِ لَهُ بِالْكَرِّ وَالْفَرِّ، وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠] فَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ، وَصَوَّبَ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلْإِبِلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: ٦] لَكِنَّ السُّنَّةَ بَيَّنَتْ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْهَمُ لِلْخَيْلِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا فَيُرْضَخُ لَهُ، وَيُفَضَّلُ الْفِيلُ عَلَى الْبَغْلِ، وَالْبَغْلُ عَلَى الْحِمَارِ.
وَاخْتُلِفَ فِي تَفْضِيلِ الْبَعِيرِ عَلَى الْبَغْلِ وَعَكْسِهِ فَقِيلَ: يُفَضَّلُ الْبَعِيرُ لِمَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقِيلَ: يُفَضَّلُ الْبَغْلُ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَالْأَوَّلُ اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ مَنْ فَضَّلَ الْبَعِيرَ عَلَى الْبَغْلِ عَلَى الْهَجِينِ وَكَلَامَ مَنْ عَكَسَ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا أَظْهَرُ، وَالْحَيَوَانُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَا يُرْضَخُ لَهُ، وَمَا يُسْهَمُ لَهُ حُكْمُ مَا يُرْضَخُ لَهُ.
وَلَا يُدْخِلُ الْإِمَامُ دَارَ الْحَرْبِ إلَّا فَرَسًا شَدِيدًا (وَ) حِينَئِذٍ (لَا يُعْطَى) السَّهْمُ (لِفَرَسٍ أَعْجَفَ) أَيْ مَهْزُولٍ بَيِّنِ الْهُزَالِ (وَمَا لَا غَنَاءَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمَدِّ أَيْ لَا نَفْعَ (فِيهِ) كَالْهَرِمِ وَالْكَبِيرِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ بَلْ هُوَ عَلَى صَاحِبِهِ (وَفِي قَوْلٍ: يُعْطَى إنْ لَمْ يُعْلَمْ نَهْيُ الْأَمِيرِ عَنْ إحْضَارِهِ) بِأَنْ لَمْ يَنْهَهُ الْأَمِيرُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ كَمَا يُعْطَى الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إذَا حَضَرَ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الشَّيْخَ يُنْتَفَعُ بِرَأْيِهِ وَدُعَائِهِ. نَعَمْ يُرْضَخُ لَهُ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَأَتَّى رُكُوبُهُ وَإِلَّا لَمْ يُعْطِ قَطْعًا. قَالَهُ الْإِمَامُ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِنَهْيِ الْأَمِيرِ عَنْ إحْضَارِهِ لَا يُسْهَمُ لَهُ قَطْعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ أَحْضَرَهُ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ عَجَفُهُ فَكَطُرُوءِ مَوْتِهِ، وَلَوْ أَحْضَرَهُ أَعْجَفَ فَصَحَّ نَظَرَ إنْ كَانَ حَالَ حُضُورِ الْوَقْعَةِ صَحِيحًا أُسْهِمَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْأَعْجَفِ الْحَرُونُ الْجَمُوحُ، وَإِنْ كَانَ شَدِيدًا قَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُرُّ وَلَا يَفِرُّ عِنْدَ الْحَاجَةِ، بَلْ قَدْ يُهْلَكُ رَاكِبُهُ اهـ.
وَهُوَ حَسَنٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضُ الْمُصَنِّفُ لِسِنِّ الْفَرَسِ، وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَابَقَةِ، فَقَالَ: وَاَلَّذِي تَجُوزُ الْمُسَابِقَةُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْلِ مَا يُسْهَمُ لَهُ. وَهُوَ الْجَذَعُ وَالثَّنِيُّ، وَقِيلَ: وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا.
(وَالْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ) وَالْمَجْنُونُ (وَالْمَرْأَةُ) وَالْخُنْثَى (وَالذِّمِّيُّ) وَالذِّمِّيَّةُ (إذَا حَضَرُوا) الْوَقْعَةَ مَعَ غَيْرِهِمْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ وَأَذِنَ الْإِمَامُ لِلذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيَّةِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرَا كَمَا سَيَأْتِي وَفِيهِمْ نَفْعٌ (فَلَهُمْ الرَّضْخُ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ